الصحة العامة

أعراض متلازمة ما بعد كورونا وعلاجها | توابع مؤقتة أم لعنة دائمة!

بقلم د. أسمهان إسماعيل

حمل الأطباء على عاتقهم عبئًا ثقيلًا منذ بداية ظهور فيروس كورونا المستجد، ومع تطوراته المستمرة ومحاولاتهم الدؤوبة ما زال لغز الفيروس غامضًا إلى حد بعيد خاصةً بعد ظهور ما يُعرف بمتلازمة ما بعد كورونا بأعراضها المتعددة ومضاعفاتها التي تهدد حياة المتعافين أنفسهم.

في هذا المقال سنحاول جاهدين الإجابة عن تساؤلات عديدة فيما يخص متلازمة ما بعد كورونا، وأسبابها، وعلاجها.

متلازمة ما بعد كورونا

مدة متلازمة ما بعد كورونا

قد تظهر بعض الأعراض بعد التعافي من فيروس كورونا المستجد، لا علاقة لإحداها بالأخرى.

قد تستمر أسابيع وربما شهورًا، بل إن بعضها قد يستمر لسنوات لدى بعض متعافي كورونا.

لا ترتبط حدتها بحدة الأعراض في أثناء الإصابة بالفيروس اللعين، فقد يعانيها ذوو الأعراض الخفيفة والمتوسطة والشديدة، حتى من أصيب بالفيروس بلا أعراض!

متلازمة ما بعد كورونا يعدها الطب تذكارًا مؤلمًا من الفيروس للجسم، فتنوع شدة وحدوث أعراض المتلازمة لا تفسير له إلى الآن.

أعراض متلازمة ما بعد كورونا

تحدث بعض الأعراض بعد التعافي من فيروس كورونا، نذكر ما يلي:

1. صعوبة التركيز والتفكير (الضباب الدماغي)

يشعر بعض متعافي فيروس كورونا بما يوصف بالبطء العقلي والتشويش الذهني.

يمكن تشبيهه بشعور الفرد بالكسل الدماغي بعد سهر ليلة طويلة أو أكثر، أو قلة النوم، أو عند تشوش التفكير بعد مدّة من القلق والتوتر الشديدين.

قد يعاني البعض أيضًا:

  • مشكلات في الذاكرة.
  • تشوشًا شديدًا في العمليات المعرفية، مثل: التذكر والفهم.
  • ضعف التركيز.
  • الصداع.
  • تشتت الأفكار.
  • قد يصل الأمر أحيانًا إلى الهذيان والتشنجات.

يحدث لمعظم المتعافين من كورونا، وقد يستمر شهورًا وأسابيع بعد التعافي.

يهاجم فيروس كوفيد-19 خلايا الجهاز العصبي والمخ مسببًا اعتلالًا دماغيًا، ويُعتقد أن مصابي كورونا ذوي الأعراض الشديدة أكثر عرضة لحدوثه بعد التعافي دون الآخرين.

أثبتت الدراسات تأثيرًا طفيفًا في خلايا المخ لبعض المتعافين؛ نتيجةً لمعركة الجهاز المناعي مع الفيروس، فنواتج تلك المعركة تظل مدة في السوائل المحيطة بالمخ، وتلتصق بالنهايات العصبية.

 وهو ما يفسر حدوث الضباب الدماغي في متلازمة ما بعد كورونا.

تؤكد الإحصاءات أن 7.5% إلى 31% من المتعافين يصابون بالضباب الدماغي، مع ذلك فلا سبب لحدوث الضباب الدماغي لمتعافٍ دون آخر.

استشر الطبيب إذا استمرت الأعراض المذكورة واشتدت حدتها بالوقت، وإذا وصل الأمر للهذيان أو التشنجات أو التدهور العقلي الملحوظ.

2. الإجهاد وضيق التنفس وآلام الصدر

يعد من أشهر أعراض متلازمة ما بعد كورونا، بل وأكثرها إزعاجًا للمتعافين، فلا يقتصر تأثير فيروس كورونا على الجهاز التنفسي فقط، بل يمتد إلى عضلة القلب نفسها والشرايين والأوردة.

لذلك يعاني عديد من متعافي كورونا مشكلات قلبية متنوعة قد تصل شدتها إلى التوقف القلبي المفاجئ، وهو ما نشهده حاليًا من وفيات فجائية لعديد من المتعافين.

إحدى النظريات التي اعتمِدت منذ بداية ظهور الفيروس هي أنه يسبب عديدًا من الجلطات الصغيرة التي قد تسد الشرايين الرئيسية التي تغذي الأعضاء ومنها القلب، مسببةً التوقف القلبي المفاجئ.

قد يعاني البعض أيضًا:

  • سرعة ضربات القلب وعدم انتظامها.
  • تعرق غزير أحيانًا.
  • نهجان عند التعرض لأقل مجهود.
  • اضطرابات في ضغط الدم.

إذا كنت من متعافي كورونا فعليك -إذا شعرت بالأعراض السابقة- التوجه إلى الطبيب لفحص رئتيك أولًا للتأكد من سلامتهما، ثم عمل رسمًا قلبيًا للاطمئنان؛ فالمشكلات القلبية تعالَج بسهولة في بدايتها.

3. فقدان كلي أو جزئي لحاسة الشم أو التذوق أو كلتيهما

قد يستمر ذلك العرض طويلاً بعد التعافي، وقد يكون مؤقتًا أو دائما.

في حالات الإصابة بالبرد والإنفلونزا تُفقد الحاستان بسبب احتقان الأنف وانسدادها، أما في متعافي كورونا السبب تلف جزئي أو كلي لمستقبلات الشم والتذوق، ويؤكد العلماء أنه تلف وظيفي فقط.

 وأثبت الفحص بالرنين المغناطيسي لتلك المستقبلات عدم وجود تغير تشريحي أو تلف بها.

  • يستعاد الشم والتذوق غالبًا خلال 60 يومًا من التعافي.
  • نادرًا ما يمتد إلى ستة أشهر بعد التعافي.
  • يعتقَد أنه كلما اشتدت الأعراض في أثناء الإصابة بالفيروس، قلت فرصة المريض بالإصابة بفقدان هاتين الحاستين بعد التعافي.
  • قد تحتاج استشارة الطبيب إذا استمر ذلك العرض أكثر من شهرين؛ لأنه قد يوصف أدوية الكورتيزون ومشتقاته.

4. السعال الجاف

قد يستمر لأسابيع بعد التعافي، ويعد من أكثر أعراض متلازمة ما بعد كورونا شيوعًا.

يعتقَد أن السبب هو آلية تعامل فيروس كورونا مع الجسم؛ فتفاعل الفيروس مع العصب الحائر لمجرى الهواء يسبب التهاب ذلك العصب، وهو نواة السعال الأولى (حساسية شديدة يعبر عنها الجسم بالسعال).

ربما يتعقد الأمر إلى التليف أو الالتهاب الرئوي، لذا يجب استشارة الطبيب إذا استمر السعال الجاف طويلًا بعد التعافي.

قد ينصحك الطبيب بتناول أدوية الكورتيزون أو البخاخات وأدوية السعال، ذلك بالطبع بعد الاطمئنان على صحة الرئة وخلوها من التليف والالتهاب.

5. الشعور بالدوار وعدم الاتزان

قد يكون ضمن أعراض الضباب الدماغي كما أوضحنا سابقًا، وقد يُنبئ عن:

  • التهاب الأذن الوسطى: يصاحبه ألم بالأذن يزداد عند انسداد الأنف، مع الشعور بطنين في الأذن.
  • التهاب العصب الدهليزي (vestibular neuritis): يعالَج بجلسات العلاج الطبيعي لدى المتخصصين، والأدوية المقوية للأعصاب، ومضادات الالتهاب.
  • انخفاض ضغط الدم أو ارتفاعه: يحتاج كلاهما إلى متابعة طبية مستمرة.
  • الإرهاق ونقص الفيتامينات.

6. متلازمة غيلان باريه

شلل مؤقت مرتبط بالتأثير المدمر للفيروس على الجهاز العصبي، ويحدث عادةً للمسنين بعد التعافي.

7. أمراض الكلى

ومن أعراضها:

  • الحاجة الملحة للتبول عدة مرات.
  • تورم الساقين.
  • فقدان الشهية.
  • البول الرغوي.

علاج متلازمة ما بعد كورونا

يختلف العلاج من عرض لآخر، مثل:

  • الحصول على قسط كافٍ من النوم قد يساعد كثيرًا على تحسن الأعراض الخفيفة، مثل حالات الدوار الخفيف والإجهاد.
  • السوائل الدافئة والإقلاع عن التدخين قد يفيدان في حالات السعال.
  • التدريب الشمي: تدريب المريض على تذكر روائح الأشياء ووصفها الصحيح.

عند تعريض المريض لروائح عطرية مثل زيت النعناع والكافور والقرنفل مدة 15 إلى 20 ثانية ينمي الذاكرة الشمية للمريض وينشط المستقبلات الحسية لاستعادة حاستي الشم والتذوق.

علاج متلازمة ما بعد كورونا
  • الغذاء الصحي المتوازن من خضراوات وفواكه، يساعد على عودة الجسم إلى طبيعته أسرع ويرفع المناعة.
  • ممارسة الرياضات الخفيفة مثل المشي يمد الجسم بالأكسجين، ويحمي من المضاعفات الخطرة.
  • تجنُّب التدخين والكحوليات -خاصةً في تلك المدة-،  يقلل حدة الأعراض وفرص الإصابة بالأمراض عمومًا.

أما الأعراض المتوسطة إلى الشديدة من فقدان الوعي، وارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه، أو التهاب العصب الدهليزي، أو الهذيان والتشنجات وغيرها: فيجب التوجه إلى طبيبك فور حدوثها لتجنب مضاعفاتها.

كيف تتجنب متلازمة ما بعد كورونا؟

  • توجه لأقرب مركز لتناول لقاح كورونا في أسرع وقت.
  • تجنب الإصابة المتكررة بالابتعاد عن الأماكن المزدحمة.
  • ارتداء الكمامات، وغسل الأيدي باستمرار.
  • ممارسة الرياضة، وتناول الغذاء الصحي المتوازن.
  • الابتعاد عن التوتر.

ختامًا… تذكر عزيزي القارئ أن متلازمة ما بعد كورونا سمة مشتركة لكل متعافي كورونا باختلاف حدة أعراض المتلازمة، فالوقاية خير من العلاج، واللقاح وسيلة الوقاية الفعالة.

المصدر
healthline.comncbi.nlm.nih.govncbi.nlm.nih.govindianexpress.comconsultqd.clevelandclinic.orghealthline.comthelancet.commayoclinic.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى