صحة الطفل

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال | عندما تُطعن البراءة!

يسبب اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال تجردهم من ملمس الطفولة التي ينعم بها قرنائهم، ثم يطبع ما تعرض له على وجهه اليأس، وعلى قلبه الحزن، وعلى روحه المرارة وتجعله يعاني العزلة، وفقدان الثقة بالآخرين.

دعنا -عزيزي القارئ- نصحبك في رحلة خلال هذا المقال لنتعرف إلى أسباب وعلاج اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال، وهل صدمات الطفولة هي سبب أساسي للاختلال النفسي؟

اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

كم يستمر اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال؟

يراود الطفل المصاب باضطراب ما بعد الصدمة (Post Traumatic Stress Disorder) أفكار سلبية عدة، ومشاعر مثيرة للقلق تتعلق بتجربته المريرة السابقة، ويعاني أيضًا التوتر والخوف باستمرار.

يختلف تأثير الصدمة من طفلٍ لآخر، فالبعض يتماثل الشفاء في غضون أيام، والبعض الآخر تمتد رحلة علاجه شهور طويلة.

في بعض الأحيان يُشفى الطفل تمامًا من الصدمة، ولكنه يظل يعاني أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

ما أعراض ما بعد الصدمة النفسية للطفل؟

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

تختلف الأعراض من طفل لآخر اعتمادًا على نوع الصدمة، وشدتها، ووجود الدعم النفسي والمعنوي المقدم للطفل من عدمه.

لكن توجد مجموعة من الأعراض المشتركة بين معظم الأطفال المصابين، التي تنقسم إلى الآتي:

  1. توارد الذكريات

تشمل أعراض توارد الذكريات الآتي:

  • إحياء الحدث الصادم وتذكره دائمًا.
  • يعاني الطفل الهلوسة والكوابيس المزعجة باستمرار.
  • عدم الراحة الجسدية والنفسية عند تذكر بعض الأمور المتعلقة بالحدث الصادم.
  • استرجاع الأحداث كما لو كانت تحدث مرة أخرى.
  1. مشاعر التجنب

ومن أبرز أعراض التجنب:

  • تجنب الأشخاص والأماكن المرتبطين بالحدث.
  • حب العزلة والانفصال عن العائلة والأصدقاء.
  • فقدان الشغف والاهتمام بالأنشطة التي كان يحبها في السابق.
  1. الإدراك والمزاج

تسيطر على الطفل مشاعر سلبية عدة، وتتملكه حالة مزاجية سيئة، مثل:

  • الشعور بالعجز وقلة الحيلة.
  • فقدان الثقة بالآخرين.
  • تدني احترام الذات.
  • تبدد الشخصية.
  • صعوبة التذكر والتركيز.
  • التخدير العاطفي، أي يعاني الطفل زيادة مشاعر الانفصال ونسيان بعض الأحداث.
  1. الإثارة والانفعال

تطرأ على الطفل تغيرات عدة في ردود أفعاله الجسدية والعاطفية، مثل:

  • سرعة الغضب.
  • اتباع السلوك العدواني.
  • إيذاء النفس.
  • اضطراب النوم.
  • شعور بالخوف والقلق.
  1. أعراض جسدية

فيما يلي بيان لأهم الأعراض الجسدية التي يعانيها الطفل المصاب باضطراب ما بعد الصدمة:

  • زيادة معدل ضربات القلب.
  • توتر العضلات.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الصداع المزمن.
  • الشعور بالتعب والإرهاق.

علاج اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

فيما يلي بيان لأهم خطوات علاج اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال الأساسية:

  1. العلاج السلوكي المعرفي

يساعد العلاج السلوكي المعرفي الطفل على التحكم في مشاعره، وتحديد هويته، وتصحيح الأفكار السلبية الخاطئة، والتفكير بها بطريقة مختلفة.

  1. العلاج بالتعرض

يهدف إلى استرجاع الحدث الصادم، وتعريض الطفل تدريجيًا للصدمة التي عاناها، لمواجهتها مرةً أخرى وكسر حاجز الخوف منها.

يساعد العلاج بالتعرض الطفل على العيش حياة أفضل، وإدارة الأعراض، والتكيف معها.

  1. إزالة حساسية العين وإعادة المعالجة

يجمع الطبيب في هذه التقنية بين العلاج بالتعرض وبعض حركات العين الموجهة، ليساعد الطفل على تذكر الأحداث وخوضها مرة أخرى، ولكن بردة فعل مختلفة.

  1. العلاج الدوائي

لا يوجد دواء شاف يمكنه علاج اضطراب ما بعد الصدمة، ولكن هناك بعض الأدوية التي تسهم في تحسين أعراض الإصابة.

 تعد مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق من أبرز الأدوية المستخدمة لتقليل الأعراض، ويجدر التنويه إلى وجوب تناولها تحت إشراف الطبيب.

أسباب اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

عادةً يكون السبب الرئيس في إصابة الطفل باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو مروره بحدثٍ جَلَّل، وخوضه تجربة صادمة أليمة.

يُعرف أيضًا باسم اضطراب الكرب التالي للرضح، وهو اضطراب عقلي ونفسي، يتطور بعد تعرض الطفل لحادث صادم غير متوقع؛ مما يؤدي إلى اختلال توازنه وإصابته بخلل نفسي وسلوكي

توجد عدة أسباب وعوامل تسهم في تعرض الطفل لهذا الاضطراب، ونذكر منها الآتي:

طريقة عمل الدماغ

قد تختلف الطريقة التي ينظم بها الدماغ للمواد الكيميائية والهرمونات التي يفرزها الجسم في استجابته للصدمة؛ ما يؤثر في رد فعل الطفل مع الموقف الصادم، وقدرته على التكيف والتأقلم.

الحالة المزاجية

وهي الخصائص الشخصية للطفل، فإذا كان يعاني القلق والاكتئاب؛ فيكون أكثر عرضةً للاضطراب العقلي والنفسي، خاصةً إذا كان يفتقر الاحتواء والدعم من الأهل.

المخاطر الصحية الموروثة

قد تزداد احتمالية إصابة الطفل باضطراب كرب ما بعد الصدمة (PTSD) في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة بالقلق، والتوتر، والاكتئاب.

التجارب المريرة

تعتمد حدة الإصابة بهذا الاضطراب على عدة عوامل، مثل: شدة الصدمة، ومدى تكرار الحدث الصادم، ومرونة الطفل.

أنواع اضطرابات ما بعد الصدمة لدى الأطفال

يمكن تقسيم داء اضطراب مابعد الصدمة عند الاطفال إلى الآتي:

اضطراب ما بعد الصدمة الانفصالي

يُعد من آليات الدفاع السلبية التي يلجأ إليها المصاب، لكي ينفصل عن الحدث الصادم، ولا يتذوق مرارة الألم مرة أخرى.

اضطراب الإجهاد الحاد

هو مجموعة من الأعراض التجنبية، والقلق، والتوتر، ويحدث هذا الاضطراب في غضون شهر من بعد وقوع هذا الحدث الأليم.

اضطراب ما بعد الصدمة المصاحب

يشمل هذا النوع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بالإضافة إلى بعض الأعراض النفسية مثل الهلع والاكتئاب.

اضطراب ما بعد الصدمة غير المعقد

يعاني المصاب أعراض اضطراب ما بعد الصدمة مثل إعادة التجربة للحدث الصادم، وتجنب الأشخاص والأماكن المرتبطة بالحدث. 

لا يعاني المصاب باضطراب ما بعد الصدمة غير المعقد أي مشكلات ترتبط بالصحة العقلية، لذا من السهل علاجه وتداركه.

ما الذي يؤثر على نفسية الطفل؟

ومن أبرز الأحداث والتجارب المريرة التي يمكن أن تسبب اضطراب ما بعد الصدمة لدى الأطفال:

  1. الاعتداء الجنسي.
  2. حوادث السيارات.
  3. وفاة أحد المقربين.
  4. الكوارث الطبيعية.
  5. سوء المعاملة الجسدية أو العاطفية.

توجد بعض العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة بهذا الداء، ونذكر منها الآتي:

  1. فقدان الدعم النفسي والمعنوي.
  2. عدم احتواء الأهل لمشكلة الطفل، واستيعاب معاناته.
  3. وجود أقارب للطفل مصابين بمشكلات صحية عقلية، مثل الإصابة بالقلق والاكتئاب.
  4. التعرض لصدمة عنيفة طويلة الأمد.
علاج اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

قد يكون من الصعب تشخيص الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال؛ إذ يميل المصابون إلى عدم تذكر الحدث الصادم، ويترددون في الحديث عن الأعراض التي تلاحقهم.

يلجأ اختصاصي الصحة النفسية لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة لدى الاطفال إلى الفحص البدني للطفل، لمعرفة المشكلات الطبية التي قد تسبب ظهور الأعراض، ويُجري أيضًا تقييمًا نفسيًا لمسبب الصدمة.

يمكن للطبيب تشخيص حالة الطفل إذا استمر حدوث ما يلي على الأقل مدة شهر واحد أو أكثر:

  1. عندما يقاسي الطفل تجربة واحدة على الأقل من أعراض توارد الذكريات.
  2. ينتهج الطفل أحد أعراض التجنب.
  3. معاناة اثنين من أعراض الإدراك والمزاج.
  4. يعاني الطفل اثنين من أعراض الإثارة والانفعال.

في النهاية…

أدرك تمامًا -عزيزي القارئ- مدى قلقك وخوفك على فلذة كبدك المصاب باضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال. 

لكن فلتعلم أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقك؛ إذ يجب أن تشدد من أزر صغيرك، وتقدم له كامل الدعم النفسي والمعنوي، وسوف يمن الله عليه بالأمن والسكينة عاجل غير آجل.

المصدر
medlineplus.govstanfordchildrens.orgchildmind.orgncbi.nlm.nih.gov

د. سارة حسن

طبيبة بيطرية ومترجمة وكاتبة محتوى. شغوفة بالاطلاع وكتابة المحتوى الطبي، هدفي تبسيط المعلومات الطبية، وأن تصل المعلومات بشكل غير معقد لمن يريد المعرفة. وأسعى إلى ترك أثرًا طيبًا وعلمًا يُنتفع به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى