بقلم د. ندى عصام
هل التفكير بصوت عالي ضربًا من الجنون حقًا؟ أم علامة من علامات حسن إدارة المشكلات؟
هذا ما سنتعرف إليه في هذا المقال، فتابع معنا.
ما التفكير بصوت عالي؟
يعرف بأنه البوح أو الإفصاح عن الأفكار الداخلية بالنطق بها بصوتٍ مرتفعٍ، وغالبًا يفعل الشخص هذا دون شعور منه، مما قد يسبب له إحراجًا.
ما أسباب التفكير بصوت عالي؟
في أغلب الأحيان يكون التفكير بصوت عالي عادة صحية للوظيفة الإدراكية السليمة لدى البشر.
تظهر هذه السمة منذ الطفولة فنجد الأطفال يتحدثون إلى أنفسهم كثيرًا، وأثبتت الدراسات أن هذا الأمر لا يدعو للقلق بل يزيد مهارات الطفل العقلية.
قد يستمر هذا السلوك حتى سن البلوغ ويلجأ إليه الشخص لأسباب كثيرة، منها:
- الشعور بالراحة والتخلص من التوتر.
- تفريغ الشحنات والطاقة السلبية.
- الهروب من الواقع وضغوطات الحياة.
- زيادة التركيز الذهني في أثناء معالجة الأمور وحل المشكلات.
فوائد التفكير بصوت عالي
يعد التعبير بالصوت أو النطق بالكلمات في أثناء التفكير في أمرٍ أو مشكلةٍ ما، يمكن أن يكون له تأثيرًا إيجابيًا وعدة فوائد أخرى، منها:
- تنظيم الأفكار
يساعد التحدث بصوتٍ عالٍ في أثناء التفكير على تنظيم الأفكار وترتيبها، ومعرفة إذا كانت هذه الأفكار صالحة أم لا.
- التركيز
يساعد التفكير بصوت عالي على إبطاء عملية التفكِير، والتركيز على المحاور الهامة دون تشتيت؛ إذ يسيطر صوت الشخص والكلمات التي ينطقها على الوسط المحيط به.
- التوصل إلى قرارات سليمة
تساعد هذه الطريقة في التفكير على تجنب القرارات الخاطئة إلي حد كبير.
- تخفيف الضغط العصبي
يساعد التفكير بصوت عالي على تخفيف العبء النفسي على صاحبه؛ إذ يتخلص الشخص من الطاقة السلبية والضغط العصبي.
استراتيجية التفكير بصوت عالي
يعد التفكير بصوت عالي من أساليب التفكِير الهامة والمعاصرة، التي تتلخص في أن يظهر الشخص كل ما يفكر به في أثناء حل مشكلاته.
تستخدم هذه الطريقة في مجال التعليم، إذ يفكر المعلم بصوت مرتفع في أثناء معالجة أو حل مشكلة ما.
لكي يطبق طلابه طريقة التفكير نفسها، إذ يساعدهم هذا على عدة أمور، منها:
- تنظيم الأفكار والتركيز في أثناء التفكير
تزيد قدرة الطلاب على التركيز وتنظيم أفكارهم في أثناء التفكير بطريقة جماعية.
- استغلال المهارات بطريقة فعالة
يساعد التفكير بصوت عالي على توظيف مهارات وقدرات الطلاب بطريقة فعالة.
- زيادة حصيلة الكلمات والمفردات
تزود حصيلتهم اللغوية وتساعدهم على التعبير عن أفكارهم بطريقة أفضل.
وهذه الاستراتيجية لها عدة فوائد تربوية للطلاب، أهمها:
- حرية التعبير عن أفكارهم دون الشعور بالخجل.
- خلق حالة من التعاون، إذ يعتاد الطلاب على العمل الجماعي في أثناء ممارسة الأنشطة المختلفة.
- توفير مناخ تعليمي يساعد على إدراك الواقع وحسن إدارة المشكلات.
يستخدم هذا الأسلوب أيضًا مثل العامل المساعد في علاج المرضى، إذ يطلب الطبيب من المرضى التعبير عما يدور بداخلهم بصوت مرتفع.
وهذا يساعدهم على التخلص من مخاوفهم، وتقليل التوتر والقلق في أثناء رحلة العلاج.
كيف أتخلص من التفكير بصوت عالي؟
إذا أصبح التفكِير بصوت عالي شيئًا مزعجًا، وبات يسبب إحراجًا لصاحبه، فيجب على الشخص اتخاذ بعض الخطوات لإصلاح هذه المشكلة، ومنها:
- التدرب على التحكم في النفس
يجب على الشخص أن ينتبه للأوقات التي يصيبه فيها التفكِير بصوت عالي، ويراقب شعوره.
هل يرتفع صوته في أثناء التفكير في مشكلةٍ ما؟ أم مع الخوف والقلق؟ وهكذا.
وهناك خطوات تساعده على التحكم في هذه العادة، منها:
- أخذ نفس عميق
إذا شعرت برغبة في التحدث بصوت مرتفع فحاول أن تأخذ نفسًا عميقًا، سيساعدك هذا كثيرًا على تهدئة مخاوفك وتوترك.
- تدوين الأفكار
درب نفسك على كتابة أفكارك أو المشكلات التي تواجهك، سوف يعوضك هذا عن التحدث بصوت مرتفع وإحراج نفسك أمام الآخرين.
- إجراء محادثات مع أشخاص مقربين
يمكن أن يدربك هذا على ضبط النفس، واختيار الوقت المناسب الذي تتحدث فيه.
2. التدرب على المحادثات الداخلية
إذا وجدت نفسك تفكر بصوت عالي في موقف غير مناسب، توقف وأجري حديثًا داخليًا مع نفسك بدلًا من الإفصاح عن أفكارك.
مع الوقت سيقل اعتمادك على التفكِير بصوت عالي كثيرًا.
3. كن مستمعًا جيدًا
استمع للأشخاص من حولك جيدًا بدلًا من التحدث كثيرًا، سيساعدك هذا على التركيز وترتيب أفكارك.
4. الاستفادة الإيجابية من التفكير بصوت عالي
يمكن أن تستخدم التحدث إلى نفسك في وضع أهداف لحياتك، وتشجيع ومدح نفسك عند إنجاز مهمة ما.
5.استشارة المتخصصين
إذا وجدت صعوبة في تطبيق هذه الخطوات، فيجب عليك التوجه إلي متخصص، كي يساعدك بطريقة أكثر تنظيمًا.
ومن الأمور التي تجعل الشخص يسعى إلى الإقلاع عن التفكِير بصوت عالي، خوفه من أن يظن الناس أنه مصاب بالفصام.
السرحان والتحدث مع النفس
ربما تجد نفسك أكثر تركيزًا عندما تجري حوارًا داخليًا مع نفسك، وتنجز مهامك بسرعةٍ أكبر، هذا يطرح تساؤلًا هامًا هل التحدث مع النفس ذكاء؟
مع أن التحدث مع النفس مرفوضًا اجتماعيًا، وقد يشير إلى الاضطراب النفسي، إلا إنه وفقًا لبعض الأبحاث يشير إلي معدلات مرتفعة من الذكاء.
فيذهب العلماء إلى أن التحدث إلى النفس، يزيد مهارة الدماغ البشرية على معالجة الأمور وإدارة المشكلات.
تحسن الرسائل الذهنية التي تصل إلى الدماغ في أثناء الحديث مع النفس الأداء الذهني وزيادة الانتباه ونجد عديدًا من عباقرة العالم والعلماء اشتهروا بنوبات الحديث مع النفس!
وأخيرًا، فإن التفكير بصوت عالي أداة من أدوات حسن إدارة المشكلات والتغلب عليها، لكن يجب علينا استخدامه الاستخدام الصحيح، لتحقيق أقصى استفادة منه والابتعاد عن مشكلاته.
