الصحة النفسية

أسباب التفكير بالانتحار عند المراهقين والكبار | الفرار إلى الموت!

أسباب التفكير بالانتحار

تحاوطني أسباب التفكير بالانتحار من كل حدب وصوب؛ حتى أصبح صدري ضيقًا حرجًا كأنما يصعد إلى السماء.

ياله من شعور ثقيل وكأن روحي بلغت الحلقوم، وضاقت علي الأرض بما رحبت؛ فبِت أشعر بالعجز وقلة الحيلة.

سنضع بين يديك في هذا المقال كل ما تود معرفته عن أسباب التفكير بالانتحار عند المراهقين والكبار، والأشخاص الأكثر عرضة للانتحار، وكيفية العلاج.

الانتحار بسبب الاكتئاب

يعد رد فعل مأساوي لحياة مليئة بخيبة الأمل والكبَوات، لذا يعقِد الشخص النية على إزهاق روحه عمدًا، ولا تتولد فكرة الانتحار نتيجة سبب معين، لكن توجد عدة عوامل تزيد خطر الانتحار. ومما لا شك فيه أن الانتحار جريمة في حق الذات.

يعد الاكتئاب وتبعاته من أبرز أسباب التفكير بالانتحار عند المراهقين والكبار، وأيضًا الاضطراب ثنائي القطب والشيزوفرينيا.

أسباب التفكير بالانتحار عند المراهقين والكبار

تختلف أسباب التفكير بالانتحار من شخص لآخر، فقد يفر الشخص إلى أحضان الموت نتيجة تعرضه لمجموعة مختلطة من الأسباب الآتية:

المشكلات النفسية

توجد علاقة وطيدة بين الأمراض النفسية والانتحار؛ إذ تسبب بعض المشكلات النفسية كثرة التفكير بالانتحار، ومن أهمها:

  • الاكتئاب الحاد: تشير الاحصائيات إلى أن عدد كبير من الأشخاص الذين يحاولون الانتحار يعانون الاكتئاب الحاد.

فذلك الوحش اللعين يعكر صفو المريض دائمًا ويهنش روحه، ويجعله يائس بائس وفاقد للأمل من الحياة والمستقبل.

  • الفصام (Schizophrenia): حالة نفسية طويلة المدى؛ تجعل المصاب يرى أمورًا لا صحة لها، ولا وجود لها على أرض الواقع؛ مما يؤدي إلى إصابته بالهذيان وفقدان صوابه.
  • اضطراب الشخصية الحدية (BPD): اضطراب عقلي؛ يجعل المصاب يفكر سلبيًا تجاه ذاته والآخرين؛ مما يؤدي إلى تشويه أفكاره.

يصبح المريض ذو أفعال منفعلة غير عقلانية، ويعد اضطراب الشخصية التجنبية من أهم أسباب التفكير بالانتحار عند المراهقين.

  • الهوس الاكتئابي: يعرف باسم الاضطراب ثنائي القطب، وأهم ما يميزه التقلبات المزاجية الحادة؛ فتارةً يشعر المريض بسعادة غامرة، وتارةً أخرى يشعر بحزن يفطر قلبه.
  • فقدان الشهية العصبي (البوليميا): أحد أشهر اضطرابات الأكل؛ إذ يعاني الشخص الخوف دائمًا من زيادة الوزن، مما يؤدي إلى تقليل كمية الأكل التي يستهلكها.

يسيطر على فكر المريض عمَل حمية غذائية دائمًا وأبدًا، ويصبح وزنه هو شغله الشغال؛ لكن مع مرور الوقت يفقد وزنه وينحف جسده، ومع ذلك يرى نفسه بدينًا.

الانتحار والإدمان

يؤدي تعاطي المواد المخدرة وشرب الكحول مدة زمنية طويلة إلى الإدمان وخلل كيمياء المخ، ونقص السيروتونين المسؤول عن الشعور بالسعادة.

يدخل المدمنون في غيابة الاكتئاب ويفكرون في الانتحار مرارًا وتكرارًا، خاصةً في حال عدم توفر الأموال لديهم لشراء هذه المواد.

تناول بعض العقاقير

يسبب تناول بعض العقاقير، مثل مضادات الاكتئاب دون استشارة طبيب مختص تسلط أفكار الانتحار على عقل الشخص، خاصةً ما هم دون الخامسة والعشرين من عمرهم.

الجينات الوراثية

تعد من أهم أسباب التفكير بالانتحار؛ ففي حال وجود تاريخ عائلي للانتحار يزداد احتمالية تعرض الشخص لنفس الحالة النفسية.

فقد تؤثر الجينات في ميول بعض الأشخاص وتجعلهم يقدمون نحو الانتحار.

الميول الجنسية

يواجه مَن يعاني اضطراب الهوية الجنسية نبذ مجتمعهم؛ مما يؤدي إلى اندفاعهم نحو الانتحار نظرًا لعدم تقبلهم والنفور منهم.

الانتحار والحوادث

عند مرور الشخص بتجارب مريرة، مثل: فقدان أحد المقربين أو الشعور بعدم تقبل غيرهم لهم أو ضغوطات العمل؛ فيفكر في بعض الأحيان بالانتحار والتخلص من مرارة الحياة.

قد يتعرض الطفل لحوادث تصفع وجه براءته، وتصيبه ببعض المشكلات النفسية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال، ويُعد من أبرز أسباب التفكير بالانتحار عند الأطفال.

البطالة

يعاني العاطلون قلة الحيلة والشعور بالعجز، ويشعرون أنهم أقل كفاءة من غيرهم.

كذلك يعانون تراكم الديون؛ مما يؤدي إلى تفكيرهم في الانتحار والهروب من مآسي العيش.

الانتحار والعزلة الاجتماعية

تدفع الوحدة والعزلة الاجتماعية الشخص نحو الإصابة ببعض المشكلات النفسية، ويشعرون بعدم جدوى هذه الحياة.

علامات التفكير بالانتحار

الانتحار كلمة سيئة التشكيل للأسف؛ فالشخص الذي يَقتل نفسه ليس ذاته الذي يُقتل؛ فهو هائم على وجهه لا يعرف هويته ولا وجهته في هذه الحياة، لكن كل ما يعيه هو الخلاص، وإنهاء صفعات الخزي والألم.

تعد أشد الآلام على النفس هي التي لا يكتشفها المحيطين.

ولا يستطيع المريض وصفها والبوح بها، لكن توجد بعض العلامات التي تنذر بأن هذا الشخص يفكر بالانتحار، مثل:

  1. الانسحاب والعزلة.
  2. إدمان المخدرات وشرب الكحول.
  3. حيازة بعض وسائل الانتحار، مثل: الأسلحة النارية والعقاقير القاتلة.
  4. التحدث كثيرًا عن الانتحار وتمني الموت.
  5. التوتر العصبي والقلق دائمًا.
  6. توديع الأهل والأقارب بطريقة توحي بأنه لم يراهم مجددًا.
  7. تغيير الروتين اليومي.
  8. إهمال مظهره.
  9. يجري ترتيبات مشوشة تدعو للقلق، مثل: كتابة وصيته وسداد ديونه.
  10. يعاني التقلبات المزاجية.

كيفية علاج التفكير بالانتحار

يعتمد علاج التفكير بالانتحار على معرفة الأسباب وتداركها، والتقييم الصحيح للحالة، ويوصى بضرورة استشارة طبيب نفسي مختص في أقرب وقت ممكن.

ينقسم علاج التفكير بالانتحار إلى الآتي:

العلاج النفسي للانتحار

يسهم العلاج النفسي والدعم الاجتماعي في علاج الاضطرابات النفسية التي أوقعت المريض فريسة للأفكار الانتحارية.

يساعد العلاج النفسي السلوكي على اكتشاف الذات من جديد ومواجهة الأحزان، ويعلِم المريض كيفية إدارة عواطفه جيدًا، والتعامل الصحيح مع الضغوطات.

العلاج الدوائي

قد يعتمد الطبيب بعض الأدوية، مثل: مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق مثل بروزاك، التي تهدف إلى تحسين الحالة المزاجية، وزيادة إطلاق هرمون السعادة في المخ.

الأشخاص الأكثر عرضة للانتحار

فيما يلي بيان للأشخاص الأكثر عرضة للانتحار:

  1. كبار السن الذين يعانون الأمراض المزمنة؛ التي تعد أهم أسباب التفكير بالانتحار عند الكبار.
  2. تعد النساء أكثر عرضة للتفكير بالانتحار من الرجال، بسبب الأمراض النفسية التي تصيبهم.
  3. يراود الأمهات عديد من الأفكار السلبية بعد الولادة، مما يسبب لهم اكتئاب ما بعد الولادة.
  4. المراهقون الذين يتراوح عمرهم ما بين 14 إلى 24 عامًا.

أنواع الانتحار

أجرى الباحث (دوركايم) دراسة تباين معدلات الانتحار وفقًا لعوامل اجتماعية، ومن ثم طرح نظريته التي توضح أنواع الانتحار في علم الاجتماع، وهم:

الانتحار الأناني

يحدث عند شعور الشخص بالدونية وعدم جدوى حياته، وإحساسه بعدم وجود مكان له وسط المجتمع؛ فيصاب بالإحباط والأسى.

الانتحار القدري

يتولد الانتحار القدري في المجتمعات الديكتاتورية، التي تفرض مزيد من القيود والأغلال حول عنق المواطنين، مع سحق أحلامهم وطموحاتهم، مثل انتحار العبيد وشعورهم بالدونية.

يظهر تلك النوع من الانتحار أيضًا في المجتمعات التي تضع كثير من المعايير للأفراد تفوق طاقتهم؛ مما يؤدي إلى إصابتهم بالضغط العصبي المستمر، والإحباط وجلد الذات.

الانتحار اللامعياري

قد تؤدي الظروف المجتمعية والاقتصادية إلى اندفاع بعض الأشخاص نحو الانتحار، وخير شاهد على الانتحار اللامعياري ارتفاع حالات الانتحار الجماعي في اليابان في عام 1995م.

إذ أصيب عديد من الناجين بضغط عصبي شديد بعد وقوع زلزال كوبا، مع شعورهم باستحالة العيش والقدرة على إعمار مجتمعهم؛ ففروا إلى الموت هروبًا من الواقع الأليم.

الانتحار الإيثاري

يعرف بأنه النقيض للانتحار الأناني؛ إذ إنه وليد الترابط المجتمعي والشعور بالمسؤولية الكبيرة تجاه مجتمعهم؛ وفي هذه الحالة يضحي بعض الأفراد بحياتهم في سبيل الآخرين.

وختامًا…

أعي -عزيزي- أن مشكلاتك تدمي القلب وتحرق الروح؛ لكن يجب أن تنهض وتدحض تحت قدميك كل أسباب التفكير بالانتحار.

واعلم جيدًا إنك أعظم مخلوق عند الله؛ فلا تستلم للعثرات والكبوات، فسقوط الإنسان ليس فشلًا؛ لكن الفشل الحقيقي هو المكوث حيث السقوط.

المصدر
medicinenethealthlineapaopencollegesavewebmd

د. سارة حسن

طبيبة بيطرية ومترجمة وكاتبة محتوى. شغوفة بالاطلاع وكتابة المحتوى الطبي، هدفي تبسيط المعلومات الطبية، وأن تصل المعلومات بشكل غير معقد لمن يريد المعرفة. وأسعى إلى ترك أثرًا طيبًا وعلمًا يُنتفع به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى