صحة الطفل

دليلك الشامل لتحفيز الأطفال دون هدم شخصيتهم

تحفيز الأطفال

ذات يوم كان هناك دورة تدريبية بعنوان تحفيز الأطفال، تساءلت كثيرًا هل هناك ما يستدعي دورة مدتها ساعتين لأتعلم كيفية تحفيز طفلي؟! 

بعد المحاضرة أدركت ما كنت أفعله من خطأ قد يؤدي إلى هدم شخصيتهم فكيف هذا؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال. 

تحفيز الأطفال 

قد يخطئ الآباء في تحفيز الأطفال بربط كل عمل جيد أو تصرف حسن بمكافأة كقطعة حلوى أو مشاهدة برنامجهم المفضل؛ فيرسخ عند الطفل معتقد أن لا بُدّ من مقابل جيد حتى يحسن هذا التصرف.

يعتمد الطفل على المحفزات الخارجية لأداء سلوك جيد، فإذا غابت هذه المحفزات لا يؤدي الطفل هذا السلوك الجيد. 

وهنا ظهرت الحاجة إلى ضرورة تعلم تحفيز الأطفال بمحفزات داخلية نابعة من شخصياتهم مع عدم انتظار مقابل كمحفز خارجي.

كيفية تحفيز الأطفال بغرس محفزات داخلية لديهم

يمكن تحفيز الأطفال بغرس محفزات داخلية لديهم عن طريق:

الاجتماعات العائلية

يخصص الآباء مع الأطفال وقتًا معينًا في الأسبوع يجتمعون فيه، ويناقشون فيه مشكلة، ويضعون روتينًا للأعمال الخاصة بالأطفال، ويكون هذا بمشاركة الأطفال أيضًا.

كروت الروتين

وضع روتين يومي للطفل بمشاركته، وكتابة هذا الروتين في كروت وتعليقها على الحائط فيما يسمى كروت الروتين،  فيشعر الطفل بمساهمته في وضع روتينه اليومي وليس مجرد أعمال مجبر عليها.

تحفيز الأطفال عند الخطأ

الآباء ماهرون في العقاب ويفتقدون حس تحفيز الأطفال، بل يتناسون أن الطفل يحسن السلوك فقط عندما يشعر بتحسن، والعكس صحيح؛ فالطفل يسيء السلوك عند شعوره بالسوء؛ فكيف يمكن تحفيز الأطفال عند الخطأ؟

  • إذا أخطأ الطفل نشجعه على الاعتراف بخطئه، ومشاركته في حلول لإصلاح هذا الخطأ مع احترام الطفل وشخصيته وعدم لومه.
  • إعادة توجيه السلوك السيئ بإسهامه في سلوك جيد؛ فإذا كان الطفل سيئ السلوك في المطبخ يمكن إسهامه في تحضير الطعام. 
  • اعتراف الوالدين بخطئهم أمام أطفالهم وكيف تعلموا من هذه الأخطاء؛ فيكونون قدوة لأولادهم في الاعتراف بالخطأ.

مكافأة الأطفال 

يمكن مكافأة الطفل جيد السلوك بعدة أشياء مثل:

الحضن

 خاصةً في السن الصغير، فيمكن أن يوقف الحضن سوء السلوك للطفل، ويعزز سلوكه الجيد.

الوقت الخاص

هو وقت بين الأم والطفل لفعل أي شيء يطلبه الطفل ويكون مكتوب مدته في جدول الروتين والنشاط الذي سيفعله الطفل مع أمه، مثل التنزه أو قراءة قصة معينة؛ فذلك يشجع الطفل.

مثلًا يشجعه على الانتهاء من المذاكرة سريعًا لتقضية الوقت الخاص مع والدته.

الهدايا غير المتوقعة

 ليس من المهم أن تكون الهدية غالية، فيمكن أن نعطيه هدايا صغيرة مثل قلم أو قصة جميلة أو نزهة قصيرة.

ما العوائق التي تواجه الآباء لتحفيز الأطفال؟

قد يواجه الآباء ما يعيق تحفيز أطفالهم، مثل:

  • ربما يكون الآباء ماهرِين في أساليب العقاب فقط، وغير مدركين لأساليب التحفيز.
  • الأم أو المربي غير مستعدين لتحفيز أطفالهم بسبب الشدة والتوتر خصوصًا عند ارتكاب طفلهم خطأ.
  • الطفل غير مهيّأ لتلقي كلمات التحفيز؛ متعصب أو يشعر بتوتر شديد.
  • الضغط المجتمعي، خصوصًا عند الطفل العنيد وفي الأماكن العامة؛ فالأم تفكر كيف تتخلص من الموقف فقط لتجنب نظرات الناس؟ فتلجأ إلى المكافآت مثل الحلويات أو إعطائه الهاتف؛ ولحل هذا الموقف تأخذ الأم الطفل بعيداً عن الناس وتبدأ في التحدث إليه بهدوء.

تحفيز الأطفال للتعلم

ولأن مدة الدراسة صعبة جدًا للأمهات فتحفيز الأطفال للتعلم بمحفز داخلي يعد حلمًا لكل أم، كيف نفعل هذا؟

تحفيز الأطفال للتعلم

تهيئة الجو المناسب للمذاكرة 

  • إبعاد أي مشتتات للطفل مثل التلفاز أو الموبايل. 
  • تنظيم مكان مذاكرة الطفل وكلما كان الطفل أكبر عمرًا يساعد في تنظيم مكتبه بنفسه.
  • تعليق عبارات تشجيعية وشهادات التقدير، وممكن لوحات ترسمها له الأم أو يرسمها الطفل بنفسه حول مكتبه.

وضع روتين للمذاكرة

يشارك الطفل في وضع روتين للمذاكرة وتعليقه في حجرته، وتحديد وقت ثابت يكون بعد رجوعه من المدرسة أو بعد تناول غذائه.

تقسيم المواد الدراسية

يمكن تقسيم المواد الدراسية وساعات المذاكرة مع مشاركة الطفل في ذلك، ويفصل بينهم بنشاط قصير المدة من اختياره كالرسم أو اللعب بألعابه.

تحفيز الطفل لحصوله على المعلومات بنفسه

تحفيز الأطفال على البحث عن المعلومات وفقًا لسنه؛ ينمي هذا مهارات البحث لدى الطفل، وينمي ثقته بنفسه.

التحدث مع الطفل عن أهمية التعليم

 يساعده هذا على إدراك أهمية ما يفعله، ولا تكون أهمية التعليم الدرجات فقط، بل أهميته من الناحية العقلية لدى الطفل.

تحفيز الأطفال لممارسة الرياضة

الرياضة لها فوائد كثيرة وخاصةً في الصغر، فهي تبني صحة جيدة للأطفال وتكسبهم مهارات العمل الجماعي، فكيف نشجع أولادنا على ممارسة الرياضة؟

  • مشاركة الطفل في اختيار نوع الرياضة المفضلة له، وعدم إجباره على لعبة معينة لا يحبها.
  • إظهار الاهتمام بالطفل في أثناء التدريب، أو عند التحدث عن نوع الرياضة المفضلة له. 
  • عدم الخوف من حزنه وإحساسه بالفشل في تعلم الرياضة، بل ترك العَنان له ليعبر عن شعوره وتوجيهه نحو السلوك الجيد وتقويم سلوكه.

كيف تؤدي كلمات تحفيز الأطفال إلى هدم شخصيتهم؟

المدح والتشجيع وجهان لعملة واحدة أحدهما يبني شخصية الطفل والآخر يلغيها، فكيف ذلك؟

رسمت فتاة صغيرة لوحة.

في الموقف الأول الأم تحفزها قائلة: أنتِ فنانة، ابنتي عبقرية لا يوجد مثلها أحد، أنت مثالية (يسمى هذا مدح).

الموقف الثاني الأم تحفزها قائلة: ألوانك متناسقة، ورسمك جميل (يسمى هذا تشجيع).

ماذا يشعر الطفل في كلا الموقفين؟

في الموقف الأول

يشعر الطفل بقيمته من رأي ما حوله -هنا نتحدث عن الأم- فهي تراه لا مثيل له لمجرد رسم لوحة، فإذا لم يثنِ عليه أحد لا يشعر بقيمته.

يشعر الطفل أيضًا بضغط ومسؤولية كبيرة عليه فيجب أن يؤدي العمل على أكمل وجه حتى يراه من حوله -الأم- بقيمة ما يفعله ويظل في مستوى توقعاتهم.

مع مرور الوقت وتكرار كلمات التحفيز يفقد الطفل مصداقيته في هذه الكلمات فلا يصدقها، ولا يعلم هل حقًا ما يرسمه جميلًا أم أن هذا ما تقوله والدته له فقط؟

يستمد الطفل ثقته بنفسه فقط بكلام الآخرين عنه، ورأيهم فيه، فهو فنان إذا مدحه أحدهم بأن رسمه حلو، وإذا لم يمدحه أحد فهو لا شيء.

كل فعل يؤديه الطفل معتمدًا على إرضاء الآخرين فقط، وليس من داخله.

في الموقف الثاني:

يشعر الطفل بنفسه بقيمة ما يفعله، يشعر أن رسمه جميل وألوانه متناسقة، وليس لأن الأم تراه فنانًا لا مثيلًا له.

يعلمه ثقته بنفسه وبأفعاله؛ فهو غير منتظر ثناء الآخرين.

كيف نفرق بين كلمات تحفيز الأطفال بغرض المدح أم التشجيع؟

بالإجابة على 4 أسئلة:

  1. هل الجملة تجعل الطفل يقيَّم ذاته، أم يعتمد على تقييم الآخرين؟
  2. هل الجملة توصل للطفل الاحترام المتبادل بينه وبين المربي؟
  3. المربي يرى الأمور من وجهة نظره فقط، أم من وجهة نظر الطفل أيضًا؟
  4. هل الجملة يستطيع المربي أن يقولها لشخص من نفس عمره (أصدقائه)؟

تقول ”جان نلسون“ مؤسسة مبادىء التربية الإيجابية: أن جمل المدح لا يستطيع أحد أن يقولها لشخص في مثل عمر المربي، بل يقول جمل تشجيعية تركز على الفعل نفسه وليس الشخص؛ فيساعد هذا على اختيارنا للجمل الصحيحة.

في النهاية تربية الطفل عملية تعليمية للآباء على مدار حياة الطفل؛ ليست شيئًا نتوقع نتيجته حاليًا؛ ولكن النتيجة ستظهر على المدى الطويل.

لم يفت الأوان أبدًا فيمكن البدء من جديد كل يوم لتعليم الطفل مهارات جديدة، ونتعلم أيضًا طريقة جديدة لنتعامل معه مثل طريقة تحفيز الأطفال دون هدم شخصياتهم. 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى