تجربتي مع مرض ألزهايمر | وكأنّ روحًا أخرى تسكن جسدك!
يعد مرض ألزهايمر اضطراب دماغي يُدمّر مهارات الذكاء والتفكير ببطء، كما أنّه اضطراب عصبي تدريجي يتسبّب في ضمور وموت خلايا المخ وفقدان الذاكرة وتدهور الإدراك، ويعد من أكثر الأسباب شيوعًا للخرف.
تجربتي مع ألزهايمر Alzheimer
هذه القصة تروي عن رجلٍ أصابه مرض ألزهايمر، ترك عائلته وذهب إلى مركز متخصص واختار أن يترك زوجته وأولاده؛ لشعوره أنه عبئًا عليهما ورفض أن يشعر بالشفقة.
ترك رسالة إلى زوجته يكتب فيه ”أنا أحبكم“ ولكني رحلت عنكم لأني شعرت بالحزن الشديد لما وصلتُ له، أعرف يا زوجتي أني تعبتُك جدًا، كم مرّة خرجتُ من المنزل ولم أعرف كيف أعود.
أعرف أن أيامي قليلة ولذلك فضلت أن أقضي ما تبقّى من عمري بعيدًا؛ رفقًا بكم فأنا أصبحت رجلًا بلا ماضٍ، بلا ذكريات، بلا أمسِ.
يَظهر تأثير هذا المرض تدريجيًا إذ إنّه يبدأ بفقدان خفيف للذاكرة حتى يصل إلى فقدان القدرة على إجراء محادثة والاستجابة للبيئة المحيطة، ويمكن أن يؤثر في القيام بالأنشطة اليومية وقد يصل به إلى الاكتئاب.
سنتحدث في هذا المقال عن هذا المرض المتلصّص، وكيفية تأثيره على الدماغ، وتشخيصه وعلاجه وكيفية التعامل مع مريض ألزهايمر.
أعراض مرض ألزهايمر
يعد فقدان الذاكرة من الأعراض الرئيسية لمريض ألزهايمر.
تشتمل العلامات المبكرة والأكثر شيوعًا على صعوبة تذكّر الأحداث والأشياء وتنظيم الأفكار، وتبدأ تغيرات مرض ألزهايمر عادةً في جزء من الدماغ المُتحكّم في التعلّم إذ تزيد الأعراض وتؤدي إلى الارتباك وتغيّر المِزَاج والسلوك.
وقد يسوء الأمر ويصل إلى فقدان الذاكرة وصعوبة الكلام والبلع والمشي، ويعد ذلك من أكثر الأعراض خطورة.
يظهر تأثير التغيرات الدماغية المرتبطة بمرض ألزهايمر على كل ما يلي:
- الذاكرة
يمكن أن يعاني أي شخص هفوات ذاكرة عرضية، ولكن مع هذا المرض يستمر فقدان الذاكرة ويزداد سوءًا مما يؤثر في القدرة على العمل.
- التركيز والتفكير
يسبب المرض صعوبة في التركيز والتفكير، وقد يصعب إدارة الشؤون المالية ودفع الفواتير في الوقت المُحدّد وموازنة دفاتر الشيكات.
قد يصعب على المريض المصاب بألزهايمر التعرّف على الأرقام والتعامل معها.
- صعوبة تحديد الوقت أو المكان
يعد فقدان التواريخ والوقت من الأعراض الشائعة وبذلك يصبح التخطيط للأحداث المستقبلية أمرًا صعبًا.
- القدرة على إصدار القرارات
قد يتخذ مريض ألزهايمر قرارات غير صائبة أو يرتدي ملابس غير مناسبة للطقس، أو يصعب عليه الاستجابة بفعالية للمشكلات اليومية.
- تغيرات في السلوك والشخصية
يمكن أن تؤثر التغيرات الدماغية – التي تحدث في هذا المرض – في الحالة المزاجية والسلوكيات وقد تشمل على كل ما يلي:
- تغيّر المِزَاج.
- التهيج والعدوانية.
- تغير عادات النوم.
- اللامبالاة.
- الاكتئاب وعدم الاهتمام بالأشياء.
- فقدان الثقة في الآخرين.
- الانسحاب الاجتماعي.
- شكوك وأوهام لا أساس لها من الصحة.
- يسيء فهم ما يراه أو يسمعه.
- الهروب من المنزل.
مراحل تطور مرض ألزهايمر
يعاني كل شخص مصاب بالمرض بشكل مختلف، ولكن جميعهم يمرون بمراحل من بداية المرض حتى نهايته ويُقسّم تطور المرض إلى سبع مراحل من قبل عدد من مقدمي الرعاية الصحية وجمعية ألزهايمر كما يلي:
- المرحلة 1
خلال هذه المرحلة لا يمكن اكتشاف المرض ولا تظهر أي مشكلات أو أعراض.
- المرحلة 2 (تراجع خفيف جدًا غير ملحوظ)
يلاحظ المريض مشكلات طفيفة في الذاكرة ولكن يظل أداء الشخص جيدًا في اختبارات الذاكرة.
- المرحلة 3 (تراجع طفيف)
يواجه المريض في هذه المرحلة صعوبة بعض الأمور مثل:
- إيجاد الكلمة الصحيحة في أثناء المحادثات.
- تذكر الأسماء الجديدة.
- التنظيم والتخطيط.
يتأثر أداء المريض في اختبارات الذكاء.
- المرحلة 4 (معتدل الرفض)
- تظهر أعراض المرض واضحة في هذه المرحلة.
- يجد المريض صعوبة في العمليات الحسابية البسيطة.
- قد ينسون تفاصيل تاريخ حياتهم.
- يعانون ضعف الذاكرة قصيرة المدى.
- تضعف قدرتهم على إدارة التمويل ودفع الفواتير.
- المرحلة 5 (هبوط حاد)
- يبدأ المريض في الحاجة إلى المساعدة على عديد من الأنشطة اليومية.
- يجد المريض صعوبة ارتداء الملابس المناسبة.
- يشعرون بارتباك كبير.
- يفقدون قدرتهم على تذكر تفاصيل بسيطة مثل أرقام هواتفهم.
- المرحلة 6 (الانحدار الشديد)
- يفقد المريض قدرة التعرف على الوجوه باستثناء الأصدقاء والأقارب.
- يفقد قدرته على التحكم في المثانة والأمعاء.
- تظهر بعض التغيرات في الشخصية والسلوك.
- يحتاج المريض إلى المساعدة في أنشطة الحياة اليومية مثل استخدام المرحاض والاستحمام.
- المرحلة 7 (المرحلة الأخيرة)
- هي المرحلة الأخيرة من هذا المرض والمريض على وشك الموت، إذ إنه يفقد قدرته على التواصل أو الاستجابة لبيئته.
- أيضًا يفقد المريض قدرته على البلع.
كيفية التعامل مع مريض ألزهايمر
يضم هذا المرض عديد من الأعراض التي تختلف من شخص لآخر، لذلك لا بد من تفهم هذا المرض وكيفية التعامل معه والإلمام بمعلومات كثيرة حوله.
يُمكن أن يصاحب هذا المرض الإصابة بالاكتئاب الذي بدوره يؤدي إلى تدهور الحالة المرضية.
- سنذكر بعض الطرق التي يُمكن اتباعها لسهولة التعامل مع مريض الزهايمر ومنا ما يلي:
- استخدام لغة الإشارة للتخاطب فقد يكون هذا أسهل عليه، كما يُفضّل التركيز في العين حتى يشعر بالاهتمام.
- تهيئة جو هادىء للمريض وإبعاده عن الضوضاء.
- تشجيعه على ممارسة الرياضة وقضاء وقت فراغه بالأعمال المُحبّبة لديه.
- توفير جو أسري مليء بالحب والحنان والاستمتاع بالقصص التي يرويها المريض حتى لو كانت غير صحيحة، ولا تحاول تصحيح أي معلومة له.
- الدعم الاجتماعي وطمأنة المريض باستمرار وإشعاره أنك موجود بجانبه في أي وقت.
- التحدث معه بصوت هادىء وأسلوب بسيط.
- أيضًا يجب أن تعي جميع المشكلات التي تُصيب مريض ألزهايمر حتى يَسهل التعامل معها ومن هذه المشكلات ما يلي:
- الاستحمام
يعاني مرضى ألزهايمر الخوف من الاستحمام لذلك لا بد من اختيار الوقت الملائم الذي يكون فيه المريض هادئًا، والصبر عليه وإِخباره بجميع الخطوات التي سيقوم بها.
- سلس البول
يُعد من أحد الأعراض المزعجة التي قد تظهر على مريض ألزهايمر، إذ إنه يفقد قدرته على التحكم في المثانة.
لذلك يجب أخذ المريض إلى الحمام في أوقات محددة ولا تنتظره إخبارك أنه بحاجة إلى الحمام، وتجنّب تناوله كمية كبيرة من السوائل قبل النوم.
- مشكلات البصر
يواجه المريض مشكلات في الرؤية وصعوبة القراءة وتحديد الألوان.
كيف يُشخّص مرض ألزهايمر؟
- يُعد التشخيص الصحيح جزءًا مهمًا جدًا من العلاج، ويعتمد التشخيص على شرح المريض لجميع الأعراض وقد يستعين الطبيب بأحد من أفراد الأسرة أو الأصدقاء المقربين.
- يخضع المريض لبعض الاختبارات التي يديرها الطبيب لتقييم مهارات الذاكرة والتفكير.
- تُجرى بعض الفحوصات الطبية القياسية مثل: عمليات مسح الدماغ، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، أو التصوير المقطعي.
لا يمكن تشخيص مرض ألزهايمر نهائيًا إلا بعد الوفاة بواسطة فحص أنسجة المخ في أثناء تشريح الجثة.
هل هناك أمل في شفاء مريض الزهايمر؟
لا يوجد علاج قاطع لمريض ألزهايمر، ولكن توجد بعض الأدوية والوسائل المتاحة لتقليل الأعراض بالإضافة إلى المساعدات والدعم المقدم من قبل الأشخاص المحيطين بالمريض.
- يعتمد اختيار الطبيب الطريقة المناسبة للعلاج على بعض العوامل مثل ما يلي:
- عمر المريض وتاريخه الطبي وصحته العامة.
- شدة الأعراض التي يعانيها المريض.
- تأثير الدواء أو العلاج على صحة المريض ونمط حياته.
- الطريقة التي يفضلها المريض أو عائلته أو مقدمي الرعاية له.
- وتشتمل طرق العلاج على كل ما يلي:
- العلاج التحفيزي
المشاركة في الأنشطة والتمارين الجماعية والمصممة لتحسين الذاكرة.
- إعادة التأهيل الإدراكي
تساعد على إعادة التأهيل المعرفي لسماح استخدام أجزاء من الدماغ لمساعدة الأجزاء التي لا تعمل.
يقوم بهذا التأهيل متخصص مدرّب لذلك لمساعدة المريض على القيام بالمهام اليومية.
- التركيز على الذكريات والماضي
يتضمن الحديث عن أحداث من ماضي المريض، وعادةً ما يلجأ الطبيب إلى استخدام الصور أو الموسيقى أو بعض الذكريات من الطفولة.
- الأدوية
أحيانًا يحتاج مريض الزهايمر لتناول بعض الأدوية التي تستخدم في تحسين بعض الأعراض مؤقتًا، مثل فيراتول.
يصف هذه الأدوية المتخصصون فقط مثل الأطباء النفسيين أو أطباء الأعصاب.
- أدوية علاج التغيرات السلوكية والنفسية
مع التغيرات النفسية التي يمر بها مريض الزهايمر والأعراض التي تظهر عليه من (توتر، قلق، زيادة الانفعالات) يمكن للطبيب النفسي وصف بعض العقاقير المضادة للذهان، وللمرضى الذين يشكون عدوانية مستمرة أو ضائقة شديدة.
توصف هذه الأدوية لفترة قصيرة وبجرعات قليلة لتجنب آثارها الجانبية.
- دواء مضاد الاكتئاب
أحيانًا يلجأ الطبيب إلى وصف أدوية مضادة للاكتئاب.
كيفية تأثير ألزهايمر على الدماغ
يتطور هذا المرض مع الوقت وتستمر التغيرات في الدماغ عشر سنوات أو أكثر قبل ظهور المرض وفي خلال هذه الفترة لا تظهر أي أعراض.
ولكن بمرور السنوات تظهر تغيرات سامة في الدماغ؛ بسبب تراكم رواسب غير طبيعية للبروتينات في جميع أجزاء الدماغ مما يؤدي إلى توقّف الخلايا العصبية – التي كانت في حالة صحية – عن العمل وتفقد الاتصال مع الخلايا العصبية الأخرى وفي النهاية تموت.
كما يؤثر الضرر بدايةً في أجزاء من الدماغ التي تكون الذكريات، ولكن مع موت مزيد من الخلايا العصبية تتأثر أجزاء إضافية من الدماغ وتبدأ في الضمور.
أسباب مرض ألزهايمر
يتطور مرض الزهايمر نتيجة موت خلايا الدماغ ويحدث هذا تدريجيًا مع مرور الوقت، ومع ذلك لم يعرف سببٌ واضحٌ لهذا المرض ولكن تشترك مجموعة من عوامل الخطر بالمساهمة في الأسباب، ومن هذه العوامل ما يلي:
- العوامل الوراثية
الأشخاص الذين أصيب أحد والديهم أو أشقائهم بالزهايمر هم أكثر عرضة للإصابة بنسبة تتراوح من مرتين إلى ثلاث مرات مقارنةً بالذين ليس لديهم مثل هذا التاريخ العائلي.
كذلك قد تؤثر عوامل الخطر الجينية (التغيرات أو الاختلافات في الجينات) في فرصة الإصابة بالمرض.
- العمر
لا يسبّب التقدم في العمر ألزهايمر ولكنه من أهم عوامل الخطر التي تزيد احتمالية الإصابة به، ونتيجة لذلك يتضاعف عدد الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر كل 5 سنوات بعد سن 65.
- العوامل الصحية
توجد عِلاقة قوية بين صحة القلب وصحة الدماغ، فكثير من المرضى المصابين مشكلات في القلب والأوعية الدموية أكثر عُرضة للإصابة بمرض ألزهايمر؛ وذلك بسبب قلة تدفّق الدَّم إلى الدماغ.
كذلك يزداد خطر الإصابة بالخرف في الحالات التي تعاني ارتفاع ضغط الدَّم والكوليسترول ومرض السكري.
- الإفراط في تناول الكحول
يتسبّب شرب كميات كبيرة من الكحول بتغيرات في الدماغ، لذلك أشارت عديد من الدراسات أن تعاطي كميات كبيرة من الكحول يزيد خطر الإصابة بالخرف وخاصةً الخرف المبكر.
- الجنس
على الرغم من وجود اختلافٍ طفيفٍ في المخاطر بين الرجال والنساء إلّا أن النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال.
- تغيرات في نمط الحياة
تزداد نسبة الإصابة بالمرض في الأشخاص المصابين بالبدانة وعدم ممارسة الرياضة، وتزداد أيضًا في المرضى الذين يعانون ارتفاع نسبة الدهون.
- إصابة الرأس
يزداد خطر الإصابة بالمرض في الأشخاص الذين أصيبوا بإصابات دماغية أو تعرضوا لصدمة حادة في الرأس.
ألزهايمر المبكر
يُعد ألزهايمر المبكر (AD) مرضًا وراثيًا، ويبدأ هذا النوع من المرض في منتصف العمر ويصيب الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم أقل من 65 عامًا.
يُطلق عليه أيضًا ”ألزهايمر العائلي“ إذ يتأثر عديد من أفراد الأسرة في أجيال متعددة.
يشعر معظم الأشخاص المصابين بأعراض المرض عندما تتراوح أعمارهم بين 30 و60 عامًا.
- لماذا يظهر الزهايمر المبكر في مرحلة الشباب؟
لم يظهر سبب واضح لذلك ولكن يميل معظم الأشخاص الذين يرثون هذه الجينات النادرة إلى ظهور أعراض في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من العمر.
- أعراض ألزهايمر المبكر
لا تختلف الأعراض عن ما ذكرناها سابقًا ولكنها تبدأ في مرحلة مبكرة وتزداد سوءًا مع تقدم العمر.
وتشمل العلامات والأعراض التي يجب الانتباه لها ما يلي:
- نسيان معظم الأشياء بصورة غير معتادة.
- صعوبة الكلام أو البلع.
- صعوبة تذكّر التواريخ أو الوقت.
- تغيّر المِزَاج.
- الانسحاب من الحفلات أو التجمعات الأسرية أو الأصدقاء.
- ضياع في الطريق في أثناء القيادة إلى مكان مألوف.
كم تمنينا أن ننسى ونمحو أشياءً مؤلمةً من ذاكرتنا … ولكن ”ألزهايمر المتلصص“يجعلنا نتمنى القوة لقهر النسيان.
وفي النهاية أود أن أوجّه كل تقديري واحترامي لكل أسرة أو مؤسسة تعتني بفرد لها يعاني مرض الزهايمر، فلم أكن أشعر قدر المعاناة التي يمر بها هؤلاء المرضى إذ إنهم يعيشون بجسدٍ فقط.
هؤلاء المرضى الذين لا نشعر بهم، أصبحوا مجرد أجساد بلا روح، عقول بلا ذكريات.
هؤلاء المرضى لا يختلفون كثيرًا عن الأطفال بل إنهم في احتياج لقدرٍ كبيرٍ من الوقت والرعاية والاهتمام والاحتواء. الأمر يحتاج بعض الصبر، والانتباه للمريض والحرص على تهيئة بيئة صحية وهادئة.
معلومات اكثر من رائعه تسلم ايدك دكتوره على المقاله
مقال ممتاز و مهم كل انسان يقراه ويكون عنده خلفية لهالمعلومات .. دائماً مبدعة دكتورة رولا 🤍🤍