هل تشعر أنك تتعرض للعنصرية الخفية؟
أأُغلق في وجهك أبواب رزق بسبب جنسيتك ودينك؟
كم مرة تعرضت للإهانة والسَب لمجرد أنك من بلد لا تلائم شعبها؟
كم جريمة سمعنا عنها وشاهدناها بسبب تلك العنصرية؟
هل تعلم أن جواز سفرك يعد جزء كبير من العنصرية؟
عزيزي القارئ، سنأخذ جولة نتحدث فيها عن العنصرية الخفية، وأسبابها، وأشكالها، وما هي صفات الشخص العنصري، ومناهضة العنصرية؟
مصطلح العنصرية الخفية
العنصرية الخفية نتاج ثانوي لا مفر منه للعيش والتنفس والولادة في بلد شرّع العبودية في السابق، ووضع اللون الأبيض على أنه الخِيار الأعلى.
العنصرية الخفية ليست وليدة اليوم لكنها موجودة منذ قديم الأزل، ولا تقتصر فقط على الدول الأجنبية بل تنتشر كثيرًا في الدول العربية.
إنها مقصودة وغير مقصودة، تحدث بوعي ولا شعوري، إنها طرق خفية تتسرب إليها التحيزات في مكان العمل أو الدردشة حول مائدة العشاء.
العنصرية مفاهيم تحيزية تشير إلى أن الأشخاص الملونين بطبيعتهم أدنى مرتبة أو يمتلكون صفات غير مواتية، مثل الميل نحو العدوانية أو السلوك الإجرامي، أو الميل إلى الإفراط في ممارسة الجنس.
صفات الشخص العنصري
من النادر أن يتبنى الناس علانية الفلسفة العنصرية، ويمكن أن يكون شخص ما عنصريًا بغض النظر عن دينه أو ذكائه أو مستواه الثقافي أو وضعه الاجتماعي.
يتسم الشخص العنصري بعديد من الصفات، منها ما يلي:
- الخلط بين العرق والثقافة، والاعتقاد بأن بعض الأعراق أكثر مهارة في وظائف معينة، والاعتقاد في الاختلافات في الذكاء بين الأعراق.
- الاعتقاد بأن الأجناس المختلفة يجب أن تعيش منفصلة، وأن تدرس بطريقة منفصلة أو لا تتزاوج.
- من الشائع بالنسبة للشخص العنصري الدفاع شخصيًا عن العنصريين الآخرين (دون الدفاع مباشرة عن آرائهم).
- الفخر الشديد الذي يصل إلى حد التطرف ببلدك أو عرقك.
- المبالغة في رد الفعل على أي سوء تصرف من شخص، والكراهية الكامنة من الجنس الآخر حيث العقوبة من كل نسبة إلى الخطأ الأصلي (الحقيقي أو المتصور).
- اللامبالاة بمحنة أفراد المجتمع الذين ينتمون إلى أعراق أخرى عندما يعانون الظلم، توصف بالعنصرية الخفية.
العنصرية ضد السود
ما يزال السود يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في البرازيل، كذلك يتعرض الطلاب من أصل أفريقي للاضطهاد في الهند.
بالرغم من تنوع الطرق التي تؤثر بها العنصرية الخفية في الأعراق المختلفة، إذ إنها واضحة جدا بالنسبة للأشخاص السود.
توجد ظواهر كثيرة تلقي الضوء على انتشار العنصرية ضد السود، كما يلي:
- عندما أجرت حكومة المملكة المتحدة تدقيق التباين العرقي، كان المتهمون السود في محكمة التاج الأكثر عرضة للاحتجاز.
- السود في بريطانيا أكثر عرضة للتوقيف والتفتيش من قِبل الشرطة من الأشخاص البيض.
- يقبَض على السود في الولايات المتحدة، بسبب جرائم المخدرات مع أنهم ليسوا أكثر عرضة لاستخدام المخدرات أو بيعها.
التمييز العنصري (Racism)
تُعرّف العنصرية ببساطة على أنها تصرف شخص مختلف عن آخر بناءً على لون بشرته أو ثقافته.
لا ترتبط العنصرية بأفعال فردية فقط، وعلينا أن ندرك أن التمييز العنصري ليس دائمًا علنيًا.
يمكن أن تأتي العنصرية الخفية من الجهل أيضًا، فقد لا يعرف بعض الناس أنهم عنصريون في طريقة تصرفهم، هذا لأنهم ربما وضعوا افتراضات بناءً على لون الشخص أو ثقافته.
قد يرتدي بعض الناس أنماطًا معينة من الملابس بسبب دينهم وقد يتعرضون للتنمر بسبب ذلك.
يتبعون الناس في المملكة المتحدة كثير من الأديان المختلفة، و يتعايشون جميعهم أحرارًا وبالطريقة التي يريدونها، ومع ذلك تُستهدف بعض المجموعات بسبب معتقداتهم.
على سبيل المثال للعنصرية الشائعة:
- الإسلاموفوبيا (Islamophobia) عندما وقع المسلمون ضحايا الهجمات بسبب دينهم فقط.
- اضطهاد الشعب اليهودي- وهذا ما أطلق عليه معاداة السامية (Anti-Semitism).
- يعد جواز سفرك الذي تحمله مثلًا واضحًا من العنصرية، إذ إنه يسمح لك بالدخول إلى بلدان معينة فقط.
أسباب العنصرية
تذَكر أنه “لا أحد يولد عنصريًا”، لكن تحدث بعض الأشياء تؤثر في تصرفات بعض الناس وتجعلهم عنصريين، ومنها ما يلي:
- تجاربنا في الحياة.
- الأشخاص الذين نتفاعل معهم.
- المجتمع الذي نعيش فيه.
ومن الأسباب التي تثير العنصرية ما يلي:
- اختلاف اللغة.
- الفكر والثقافة.
- العادات الموروثة.
- مشكلات نفسية كالغرور والتكبر.
- الفروقات المادية.
- عدم الوعي والجهل بمفهوم العنصرية.
تعريف مناهضة العنصرية (Anti-racism)
يقول أحدهم “أنا لست عنصريًا” وذلك لتجنبهم المشاركة في مناهضة العنصرية.
تعد مناهضة العنصرية من الخطوات الفعالة في القضاء على العنصرية، على المستويات الفردية والمؤسسية والهيكلية.
لوحظ أنه من المستحيل أن تكون “غير عنصري” إذ كنت تحمل مواقف سلبية تجاه مجموعة كاملة من الناس، على أساس عرقهم أو تراثهم الثقافي.
ما أهمية مكافحة العنصرية؟
تحيط العنصرية المنهجية بنا في كل مكان، إذ إنها متأصلة بعمق في ثقافتنا ومجتمعاتنا ومدارسنا، ونظام العدالة والحكومة والمستشفيات.
أظهرت الأبحاث أن العنصرية لها آثار سلبية واسعة النطاق على الأفراد والأسر والمجتمعات بأكملها، ومن هذه الآثار ما يلي:
تأثيرها على الصحة النفسية
يعاني معظم الأشخاص الذين تعرضوا إلى العنصرية ما يلي:
- القلق.
- الحزن.
- الكآبة.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
تأثيرها على الصحة الجسدية
- ترتبط العنصرية بنتائج الولادة السيئة، مثل وفيات الرضع.
- يصاب الشباب بارتفاع ضغط الدم، وبعض الأمراض المزمنة، بسبب المخاطر التي يواجهونها
بسبب العنصرية.
أشكال العنصرية الخفية
تشير العنصرية إلى مجموعة متنوعة من الممارسات والمعتقدات والعلاقات الاجتماعية والظواهر، التي تؤدي إلى التفوق والسلطة والامتياز للبعض.
تتخذ العنصرية سبعة أشكال رئيسية، تعمل العنصرية عادةً كمزيج من شكلين على الأقل يعملان معًا في وقت واحد، ومن هذه الأشكال ما يلي:
1. العنصرية التمثيلية (Representational Racism)
تعد العنصرية النمطية أمر شائع في الثقافة الشعبية ووسائل الإعلام، إذ إنها تلخِص مجموعة كاملة من الأفكار العنصرية التي توحي الدونية.
فعلى سبيل المثال:
- الميل التاريخي لتصوير الملونين كمجرمين وضحايا للجريمة بدلًا من أدوار أخرى.
- الرسوم الكاريكاتورية العنصرية التي تعد عنصرية في تمثيلها.
2. العنصرية الأيديولوجية (Ideological Racism)
نوع من العنصرية التي تشير إلى وجهات النظر العالمية والمعتقدات والأفكار المنطقية، المتجذرة في القوالب النمطية العنصرية والتحيزات.
ومثال إلى ذلك، أن عديد من الناس في المجتمع الأمريكي يعتقدون أن الأشخاص ذوي البشرة البيضاء والفاتحة أكثر ذكاءً من غيرهم ذوي البشرة الداكنة.
تتضمن أيضًا بعض الأشكال الأيديولوجية الشائعة الاعتقاد بأن النساء السوداوات جنسيًا، وأن النساء اللاتينيات متحمسات “ساخنات المزاج”.
يؤثر هذا النوع من العنصرية تأثيرًا سلبيًا في الأشخاص الملونين؛ إذ إنه يعمل على حرمانهم من الوصول أو النجاح في التعليم والعالم المهني.
3. العنصرية التفاعلية (Interactional Racism)
يعبر هذا النوع من العنصرية عن كيفية تفاعلنا مع بعضنا، ومن أمثلة العنصرية التفاعلية ما يلي:
- قد تَعبر امرأة بيضاء أو آسيوية تمشي على رصيف الشارع لتتجنب المرور بالقرب من رجل أسود أو لاتيني لأنها متحيزة ضمنيًا لرؤية هؤلاء الرجال على أنهم تهديدات محتملة.
- الاعتداء على شخص ملون لفظيًا أو جسديًا بسبب عرقه.
- قد يتصل أحد الجيران بالشرطة للإبلاغ عن اقتحام لأنهم لا يتعرفون على جارهم الأسود.
- تعد جرائم الكراهية أقصى مظهر من مظاهر هذا الشكل من العنصرية.
تسبب العنصرية التفاعلية التوتر والقلق والأذى العاطفي والجسدي للأشخاص الملونين.
4. العنصرية المؤسسية (Discursive Racism)
تتخذ العنصرية شكلًا مؤسسيًا بالطرق التي تصاغ بها السياسات والقوانين وتطبقها مؤسسات المجتمع، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
- استهدفت مجموعة السياسات الشرطية والقانونية والمعروفة باسم “الحرب على المخدرات” الأحياء والمجتمعات التي تتكون في الغالب من أشخاص ملونين.
- انتشر بين وكلاء العقارات ومقرضي الرهن العقاري سياسة عدم السماح للأشخاص الملونين بامتلاك العقارات في أحياء معينة.
- توجه سياسة التتبع التعليمية الأطفال الملونين إلى الفصول العلاجية وبرامج التجارة.
5. العنصرية الهيكلية (Structural Racism)
تؤدي العنصرية الهيكلية إلى تفاوتات واسعة النطاق على مستوى المجتمع على أساس العرق.
تشير العنصرية البنيوية إلى التكاثر المستمر والتاريخي وطويل الأمد للبنية العنصرية لمجتمعنا.
6. العنصرية النظامية (Systemic Racism)
تأسست العنصرية وأثرت في تطور المؤسسات الاجتماعية، والقوانين والسياسات والمعتقدات، والتمثيلات الإعلامية والسلوكيات والتفاعلات.
7. العنصرية في سوم (Racism in Sum)
قد يكون البعض عنصريًا بأسلوب صريح، مثل (استخدام الإهانات العنصرية أو خطاب الكراهية، أو السياسات التي تكون عمدًا ضد الناس على أساس العرق).
وقد يكون البعض الآخر خفيا أو محتفظًا به لنفسه، أو محجوبًا بسياسات عمى الألوان التي تدعي أنها محايدة تجاه العرق.
وأخيرًا، علينا أن ندرك أن العنصرية الخفية حرب قوية تصيب العالم أجمع، إذ إنها لا تقف فقط عند بعض الكلمات التي يمكن سماعها.
يتطور شعور العنصرية ويُترجم بأفعال وتصرفات تستهدف وتدمر حياتك، وقد يصل إلى القتل.
