الصحة النفسية

هل يمكن الشفاء من مرض ثنائي القطب؟ | عقل متأرجح كبندول الساعة

مرض ثنائي القطب!!

قد لا تصدق إذا قلت لك أن هناك مرضًا بالعالم يجعلك مثل طفل في صباح يوم العيد، يرقص طربًا ولا يرغب في النوم، ويعمل كآلة لا تهدأ أبدًا.

يطلق عليه الهوس الاكتئابي، والأعراض السابق ذكرها هي وجه واحد فقط من وجوهه.

هل مرض ثنائي القطب مرض عقلي ام نفسي؟

مرض-ثنائي-القطب

هو مرض عقلي، يصيب الإنسان في أي مرحلة عمرية، ويؤثر في الحالة المزاجية للمريض، فيتأرجح بين حالين.

يكون المريض كبندول الساعة تارةً يذهب أقصى اليمين فتدب فيه البهجة وتغمره النشوة ويكون مثالًا حيًا على العمل الدؤوب والإنجاز وهو ما يسمى بالهوس أو الهوس الخفيف.

وتارةً يذهب إلى أقصى اليسار حيث التقوقع على ذاته وانعزاله عن العالم والشعور العميم بالحزن وانعدام الجدوى وهو ما يسمى بالاكتئاب.

كيف اعرف اني اعاني اضطراب ثنائي القطب؟

أوضحنا سابقًا أن المريض يُعاني تقلبات مزاجية حادة، ويكون شعوره متأرجحًا بين السعادة القصوى (الهوس أو الهوس الخفيف) والانعزال الشديد (الاكتئاب).

الهوس (Mania)

لا يشترط حدوث الأعراض التالية كلها للتشخيص، بل يكفي ثلاثة أعراض، ونذكر منها الآتي:

  • انخفاض الرغبة في النوم.
  • التهور أو الاندفاع.
  • الشعور بالنشوة.
  • قدرة المريض على الإنجاز تكون عالية جدًا.
  • الشعور بالتفاؤل الزائد عن الحد.
  • زيادة الثقة بالنفس.
  • تصارع الأفكار في ذهن المريض.
  • الثرثرة.
  • اتخاذ قرارات مصيرية غير محسوبة وقد تؤدي إلى إفلاس المريض أو تدمير علاقاته الشخصية.
  • معاناة الهلاوس والضلالات.
  • قد يعتقد بعض المرضى في أفكار خاطئة لا يتمكن أحد من النقاش معهم حولها وهو ما يسمى بالضلالات (Delusions).
  • يصف بعض المرضى سماعهم أو رؤيتهم لأشياء غير حقيقية وهو ما يسمى بالهلاوس (Hallucinations).

الهوس الخفيف (Hypomania)

تتشابه أعراض ثنائي القطب مع تلك التي تحدث في نوبات الهوس، لكنها تكون أخف حدة ولا تؤثر بالضرورة في قدرة المريض على مواصلة عمله أو علاقاته الاجتماعية.

الاكتئاب (Depression)

يختبر المريض الأعراض الآتية:

  • الشعور بالحزن والخواء.
  • فقدان الاهتمام بكل أو أغلب الأشياء.
  • فقدان أو اكتساب الوزن بمعدل زائد عن الطبيعي.
  • الأرق أو النوم لساعات طويلة.
  • انخفاض القدرة على التفكير المنظم.
  • عدم القدرة على التركيز.
  • ضعف الذاكرة.
  • الشعور بانعدام القيمة وتدني الذات.
  • الشعور بالذنب طوال الوقت تجاه الآخرين.
  • عدم القدرة على الانخراط في الأنشطة التي كانت تثير اهتمام المريض سابقًا.
  • التفكير في الانتحار أو التخطيط له.
  • محاولة الانتحار فعلًا.

هل الشفاء من مرض ثنائي القطب أمر ممكن؟

حسنًا، يوضح الأطباء أن هذا المرض مزمن، لكن هناك بعض الأدوية التي قد تساعد المريض على السيطرة على أعراض المرض سنذكرها في الفقرة القادمة.

أدوية علاج ثنائي القطب

كما يلي:

مثبتات المِزَاج النفسي (Mood stabilizer)

الهدف من هذه المجموعة الحفاظ على مِزَاج المريض في حالة مستقرة بعيدًا عن السعادة أو الحزن الشديدين، مما يمكن المريض من ممارسة حياته طبيعيًا.

تشمل هذه المجموعة الأدوية الآتية:

  • الليثيوم (Lithium).
  • كاربامازيبين (Carbamazepine)‏.
  • لاموترجين (Lamotrigine).
  • ديفالبروكس الصوديوم (Divalproex sodium).
  • فالبرويك أسيد (ديباكين).

مضادات الذهان (Antipsychotics)

علاج-مرض-ثنائي-القطب

أثبتت هذه المجموعة فاعليتها في التخفيف من أعراض الذهان التي قد يعانيها مريض ثنائي القطب مثل الهلاوس والضلالات.

لا يعلم الأطباء كيف تعمل هذه الأدوية بدقة، لكنها تحسن طريقة تفكير المريض وإدراكه بدرجة كبيرة.

قد يصفها الأطباء كعلاج قصير المدى مع مثبتات المِزَاج، ذلك لأنها تساعد على تحسين أعراض المرض بسرعة حتى تأتي مثبتات المِزَاج بمفعولها.

قد يرى الطبيب أن المريض لا يستجيب بشكل فعال إلى مثبتات المِزَاج فيكتفي بوصف مضادات الذهان للمريض كعلاج طويل المدى.

من أمثلة هذه المجموعة الآتي:

  • أريبيبرازول (Aripiprazole).
  • أسينابين (asenapine).
  • كاريبرازين (Cariprazine).
  • كلوزابين (Clozapine).
  • أولانزابين (Olanzapine).
  • كويتيابين (Quetiapine).
  • ريسبيريدون (Risperidone).

الأضرار الجانبية لمضادات الذهان:

  • تشوش الرؤية.
  • جفاف الفم.
  • الدوخة.
  • تشنج العضلات.
  • زيادة الوزن.

مضادات الاكتئاب (Antidepressants)

لا تُعد هذه المجموعة خط الدفاع الأول ضد مرض ثنائي القطب، بل يصفها الأطباء غالبًا مع مثبتات المِزَاج.

من أمثلة هذه المجموعة:

مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs):

  • سيليكسا (Celexa).
  • بروزاك (Prozac).
  • زولفت (Zoloft).

مثبطات استرداد السيروتونين والنورابينفرين (SNRIs)

  • سيمبالتا (Cymbalta).
  • بريستيك (Pristiq).

مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic antidepressants)

  • توفرانيل (Tofranil).

من الأضرار الجانبية لمضادات الاكتئاب الصداع والشعور بالغثيان وانخفاض الرغبة الجنسية.

هل يمكن التعايش مع مرض ثنائي القطب؟

ينصح الأطباء بتغيير نمط الحياة، فقد أثبتت الدراسات أن ممارسة الرياضة بانتظام مع اتباع نظام غذائي صحي متوازن، يساعدان المريض على التمتع بصحةٍ جسدية جيدة وعلى التعايش مع المرض بطريقة أفضل.

كذلك إدمان المخدرات والكحوليات يفاقمان أعراض المرض، لذا يجب التوقف عن تناولهم فورًا.

رحلة العلاج قد تكون طويلة، ولا يصل الطبيب إلى الدواء المناسب بجرعته المضبوطة لكل حالة من أول وهلة، لذا يحتاج المريض إلى الصبر والالتزام التام بتناول الدواء كما ينصح الطبيب.

أسباب مرض ثنائي القطب

حسنًا، لا يعلم الأطباء السبب الرئيس لهذا المرض، لكنهم يزعمون أن هناك بعض العوامل التي قد تجعل الإنسان أكثر عرضةً للمرض، وهذه قائمة بها:

العوامل البيولوجية

لاحظ الأطباء اختلاف تشريح المخ لدى مرضى اضطراب ثنائي القطب دون غيرهم، مما يرجح أن هذا الاختلاف قد يكون سببًا وراء إصابتهم بهذا المرض.

الجينات

إذا كان أحد الأبوين أو الأخوة مصابًا بهذا المرض، فهذا يُزيد احتمالية الإصابة لديك.

العوامل البيئية

قد تتسبب بعض العوامل الخارجية في تحفيز المرض على الظهور مثل الإصابة بصدمة ما أو التعرض لضغوط شديدة أو الإصابة بمرض عضوي أو تناول الكحول وإدمان المخدرات.

التشخيص

لا يلجأ المرضى إثر مرورهم بحالة الهوس إلى الأطباء، ذلك لاستمتاعهم أحيانًا بالنشوة التي يشعرون بها بالإضافة إلى زيادة ثقتهم بأنفسهم واعتقادهم أنهم بخير وليسوا بحاجة إلى أي مساعدة.

تتدهور أمورهم المالية بالإضافة إلى ابتعاد بعض الناس عنهم، فقد يدخلون في نوبة من الاكتئاب، وهنا قد يلجئون إلى الطبيب لتبدأ رحلتهم في معرفة المشكلة وعلاجها.

يختلف المرض النفسي في طبيعته عن العضوي، فلا يستطيع الطبيب تشخيص المرض من خلال فحص نبضات قلبك أو قياس درجة حرارة جسمك.

على الرغْم من ذلك، قد يطلب الطبيب من المريض إجراء بعض الفحوص الطبية لاستبعاد الأمراض العضوية التي قد تتشابه في أعراضها مع مرض ثنائي القطب، مثل:

  • أمراض الغدة الدرقية.
  • الذئبة (Lupus).
  • متلازمة نقص المناعة المكتسبة (AIDS).
  • مرض الزهري (Syphilis).

هذا بالإضافة إلى تحديات أخرى تواجه الطبيب عند تشخيصه المرض نذكر منها الآتي:

  • يلجأ المريض إلى الطبيب غالبًا في أثناء نوبة الاكتئاب لا في نوبات الهوس.
  • تتشابه أعراض المرض مع أعراض الذهان والاكتئاب.
  • يعاني الأطفال المصابون بمرض ثنائي القطب تشابه أعراضهم مع نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).

يُخطئ الأطباء التشخيص أحيانًا ويختلط عليهم الأمر، لذا يُنصح المرضى بتدوين أفكارهم ومشاعرهم في مفكرة خاصة لمناقشتها مع الطبيب في الجَلسة المحددة لذلك، حتى يستطيع الطبيب فهم وتشخيص الحالة بدقة.

يحتاج الطبيب إلى معرفة كل الأدوية التي يتناولها المريض، لأن بعض الأدوية قد تسبب أعراضًا قريبة من أعراض هذا المرض.

يسأل الطبيب المريض عن تاريخه العائلي، فإذا وجد أحد أفراد العائلة مصابًا بهذا المرض زاد هذا من اعتقاده في إصابة المريض أيضًا.

أخيرًا، لقد تطور الطب النفسي كثيرًا، فلا تتردد في زيارة الطبيب النفسي لتلقي المساعدة إذا كنت تعاني أعراض مرض ثنائي القطب، تذكر دائمًا أننا جميعًا نستحق أن نحيا لحظات هادئة وخالية من المنغصات مع أحبائنا.

د. آثار غنيم

كاتبة محتوى طبي، تجد متعة عظيمة في اكتشاف كل ما هو جديد والكتابة عنه بلغة بسيطة وسهلة، تصل إلى كل القراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى