متلازمة الطفل الوحيد، هل حقيقة أم مجرد أسطورة تداولها القرون؟!
تبلغ طفلتي من العمر 4 سنوات ولم أُرزق بغيرها، فهي طفلتي الوحيدة وعادةً ما نتعرض لبعض المضايقات والأسئلة.
أليس لها أخوات، ألم تنجبي مرة ثانية كي لا تجعلي طفلتك وحيدة، ألا تخشين أن يصيب ابنتك متلازمة الطفل الوحيد؟
وكانت تلك هي المرة الأولى التي أسمع بها عن تلك المتلازمة.
نشأة مصطلح متلازمة الطفل الوحيد
لم يكن هذا المصطلح موجودًا حتى أواخر القرن التاسع عشر، ثم أجريا الأخصائيان (جي ستانلي هول) و(إي دبليو بوهانون) استبيانًا.
وذلك لدراسة وتصنيف الأطفال الذين لديهم عدد من السمات المختلفة، وكان الاستنتاج أن الأطفال الوحيدون يمتلكون قائمة طويلة من السمات السلوكية السلبية.
واتفقت بعض الدراسات مع هول و بوهانون، لكن كان الإجماع على أن تلك النتائج التي توصلوا إليها غير علمية، مما جعل النظرية مجرد أسطورة.
خصائص متلازمة الطفل الوحيد
وُصف الأطفال الوحيدون بأنهم مدللون، لأنهم اعتادوا الحصول على ما يريدون، بما في ذلك الاهتمام الكامل بهم.
كذلك وصفوا بأنهم أنانيون، لا يفكرون إلّا في أنفسهم وفي احتياجاتهم الخاصة، وبأنهم متسلطون وغير اجتماعيين.
وأيضًا يُزعم أن عدم وجود الأخوة يُؤثر في تفاعلهم مع الآخرين، ويؤدي إلى شعورهم بالوحدة واكتسابهم ميولًا معادية للمجتمع.
يُعتقد أن هذه التأثيرات تستمر حتى مرحلة البلوغ، فيعانون مهارات اجتماعية ضئيلة وصعوبة الانسجام مع زملائهم في العمل، كما يعانون فرط الحساسية من النقد.
ماذا تقول الأبحاث عن متلازمة الطفل الوحيد؟
أُجريت عديد من الأبحاث على الأطفال الوحيدين خلال السنوات الماضية، لتحديد إذا ما كانت هذه الصورة النمطية صحيحة.
ومن المثير للاهتمام أن النتائج كانت مختلطة بدرجة كبيرة، ومع أن هؤلاء الأطفال يتلقون قدرًا كبيرًا من الاهتمام من قبل والديهم.
إلا إنه ليس بالضرورة أن يؤدي ذلك إلى الأنانية والعناد، بل إنهم يكوّنون روابط قوية مع والديهم.
وأظهرت كثير من الأبحاث أن من سمات الأطفال الوحيدين أنهم منظمون، وطموحون، وواثقون من أنفسهم.
نظرًا لاهتمام والديهم الكامل بهم مما يُعزز لديهم الثقة بالنفس، وتقدير الذات وتطوير الهَوية القوية.
رأي الخبراء في متلازمة الطفل الوحيد
يتفق علماء النفس أن هناك عديد من العوامل التي تساعد على بناء شخصية الطفل.
فبعض الأطفال بطبيعتهم خجولون ومنطوون على أنفسهم بصرف النظر ما إذا كان لديهم أشقاء أم لا.
كذلك سوء السلوك عند الأطفال قد يحدث أيضًا للأطفال الذين ينشؤون في الأسر الكبيرة ولا يقتصر ذلك على الأطفال الوحيدين فقط.
كذلك يتمتع الأطفال اليوم بكثيرٍ من الفرص للاختلاط في المدرسة، وفي المنتزهات، وفي الملاعب وعبر الإنترنت، مما يقلل حدوث متلازمة الطفل الوحيد.
طرق الوقاية من متلازمة الطفل الوحيد
قد تساهم تربية الوالدين أحيانًا في إظهار السمات السلبية المرتبطة بمتلازمة الطفل الوحيد.
فيمكن أن يكون الاهتمام المبالغ فيه الذي يتلقاه الطفل الوحيد من والديه إما أن ينتج عنه صفات إيجابية أو سلبية للطفل.
وفي ما يلي بعض الاستراتيجيات الفعالة للوقاية من متلازمة الطفل الوحيد:
1. لا تفرط في حماية طفلك
الحماية الزائدة للأطفال قد تحدث ضررًا عليهم، عليك أن تترك طفلك يخوض معاركه الخاصة دون أن تفرط في حمايته، فهذا يكسبه القدرة على مواجهة المشكلات.
2. شجع طفلك على التفاعل الاجتماعي
احرص على أن يقضي طفلك كثير من الوقت مع الأطفال الآخرين في نفس الفئة العمرية.
وذلك باللعب أو الدروس، فيمكن أن يوفر هذا مزايا التنشئة الاجتماعية ويساعدهم على تعلم المشاركة والتناوب وحل النزاعات.
3. لا تطلب المثالية
اجعل توقعاتك متماشية مع عمر طفلك وقدراته، ومن الجيد أن يتعلم الطفل تحديد الأهداف، لكن ليس ضروريًا أن يكون الأفضل في كل شيء.
يميل الأطفال للكمال والمثالية، ويحاولون إرضاء والديهم معظم الوقت، فعليك أن تقاوم رغبتك في التدخل وإعادة تحسين تصرفاتهم وأفعالهم.
4. دع طفلك يتخذ قراره
عليك أن تمنح طفلك الخيارات البسيطة وتدعه يتخذ قراره، وأيضًا لا تقدم كثير من الاقتراحات عندما يفعل شيء ما، فهذا يكسبه مهارة اتخاذ القرارات والاعتماد على النفس.
5. امنح طفلك بعض المسؤولية
من الضروري أن يتحمل الطفل بعض المسؤوليات الصغيرة، مثل: المساعدة في الأعمال المنزلية البسيطة، فهذا يجعله أكثر استقلالية واعتمادًا على نفسه.
6. كُن قدوة حسنة لطفلك
إذا أردت أن تُعلم طفلك شيئًا ما، فيجب عليك أن تتعلمه أولًا وتكن له قدوة بعد ذلك سيحذو حذوك طبيعيًا.
7. احذر الإفراط في المكافئات
عندما تتعامل مع الأطفال بالمكافآت والهدايا فقط، فإنهم يتلقون رسالة “أنا دائمًا أحصل على ما أريد”، فيجعلهم أكثر أنانية وحبًا للذات، فاحذر من الإفراط في ذلك.
في النهاية -عزيزي القارئ- إذا كان لديك طفلًا وحيدًا أو إذا كنت تخطط لإنجاب طفلًا واحدًا فلا داعي للقلق من متلازمة الطفل الوحيد.
قدم لطفلك حبك غير المشروط واحرص على أن تربطك به صداقة قوية، وادفعه باستمرار للسير على الطريق الصحيح.
