عقاب الأطفال هل بغرض التربية أم فرض سلطة الآباء عليهم؟
”عقاب الأطفال ليس بالضرورة لتعليم الطفل السلوك الصحيح بقدر ما يكون أحيانًا رغبة الوالدين في فرض سيطرتهم، أو إخفاء لمخاوفهم الداخلية بعدم قدرتهم على التربية الصحيحة، وخوفهم من إنشاء طفل غير سويّ“.
كانت هذه الجملة بأحد الكتب، فهي صادمة لأي مُربي؛ ولكي لا نقع في هذا الفخ في هذا المقال سنتحدث عن عقاب الأطفال وأضراره وأساليبه.
أنواع عقاب الأطفال
يعاقب الآباء أطفالهم ليشعروهم بمشاعر الخزي والسوء فيتدارك الطفل سوء سلوكه ويصلحه، ولإيصال هذا الشعور للطفل يستخدم الآباء أنواع عقاب الأطفال التي تندرج في:
- الضرب.
- حرمان الطفل من شيء يحبه.
- الصراخ.
- التوبيخ.
- اللوم.
- عزل الطفل في غرفة أو مكان منفصل فيما يسمى بال”naughty corner”.
كل هذه الأنواع لها تأثير سلبي على الطفل، إذ:
- يخرج طفل ضعيف الشخصية ويخشى إبداء رأيه حتى لا يتعرض لألم الضرب أو الصراخ.
- يخرج شخصية تمارس أنواع القمع والضرب على من هم أقل منها في السلطة على المدى الطويل الضرب.
- يصل للطفل أن الضرب هو لغة الحب التي يستحقها، فيضرب من هم في سنه لأنه يحبهم، وعندما يكبر يسمح لأي شخص بضربه ظنًا منه أن هذا لغة هذا الشخص للتعبير عن حبه له.
- يفقد ثقته بنفسه وكونه غير جدير بالحب أو العطف.
- يشعر الطفل حين اتباع أسلوب العزل معه بعدم رغبة الآخرين به، وينمو شعور الانتقام لديه، ويميل إلى تنفيذ عديد من الأشياء الخاطئة دون الإمساك به. -إلا إذا كان العزل الغرض منه فترة تهدئة عند احتدام الموقف-؛ ولكن عزل الطفل حتى يفكر في أسلوب عقابه هو شيء خاطيء، فالطفل وقتها يشعر بأنه غير مرغوب ويفكر وقتها في الانتقام أو كيفية فعل الشيء الخطأ دون الإمساك به.
- يسعى الطفل لإرضاء الآخرين، ويستمد أهميته منهم عندما يُحرم من الأشياء التي يريدها مثل لعبة أو برنامجه المفضل.
- يشعر الطفل بأن حب والديه له حب مشروط، فإذا أحسن التصرف فأمه تحبه، وإذا أساء سلوكه فهي تكرهه.
- يجعل الطفل ذو شخصية تسعى إلى المثالية؛ ويستمر هذا عندما يكبر، فيفعل كل شيء على أكمل وجه، ولا يقبل الخطأ منه أو من حوله؛ فيكون شخص صعب الإرضاء، مما يضع الآخرين تحت ضغط كبير ويزيد شعوره بالنقص.
كيفية عقاب الأطفال
لنعرف كيف يكون عقاب الأطفال، فعلينا أولًا معرفة لماذا نعاقب الطفل؟ وما دوافعنا الداخلية التي تحركنا فنتجه إلى العقاب؟ سنسرد لكم بعضًا من هذه الدوافع.
توقع المزيد
يرتفع سقف توقعات الآباء للطفل، فعندما يتصرف الطفل عكس ذلك وبأسلوب خاطيء وغير متوقع يتجه الآباء إلى العقاب.
مثل: عند سكب الطفل اللبن؛ تعاقبه الأم بالضرب، فهي تظن أن طفلها يعلم كيف يمسك الكوب دون سكبه.
في الحقيقة الطفل صغير لا يعلم كيفية الإمساك بالكوب جيدًا.
الخوف من الفشل
يبذل الآباء كثيرًا من الجهد لأولادهم حتى يكونوا في أفضل حال، وإذا تصرف الطفل بسلوك معين يشعر الآباء بالتهديد وفشله في مهمته؛ فيعاقبوا أبنائهم.
المبالغة الشديدة في تقييم الخطأ
يكون رد فعل الآباء مبالغًا فيه في بعض الأحيان نظرًا لصغر حجم الخطأ، وترجع هذه النقطة إلى شعورهم بالتهديد أيضًا وفشلهم في مهمتهم.
مثل انخفاض درجات الطفل الدراسية، وهذا لا يعني فشله في حياته الدراسية والعملية، وقد نبه الإسلام على عدم عقاب الأطفال بما يضرهم نفسيًا أو جسديًا.
يجب أن يكون عقاب الأطفال مبنيًا على الاحترام المتبادل بين الأطفال والآباء وعدم التقليل من قدر الطفل وبالطبع تجنب إيلامه جسديًا.
طرق عقاب الأطفال
هناك عدة طرق أبرزها:
أسلوب الحزم واللين بدلا من الثواب والعقاب (kind and firm)
تتأرجح التربية بين اللين وخضوع الآباء لرغبات أولادهم وما بين الحزم والشدة، لذلك لا بد من الجمع بينهم.
مثل: الاتفاق المسبق بين الطفل والأم على ضرورة جمع اللعب بعد اللعب بها، وإذا لم تُجمع في وقت معين ستأخذها الأم بعيدًا عنه.
هنا لا بد أن يكون الاتفاق مسبقًا وبِرضا الطفل والآباء، فإذا حدث ولم ينفذ الطفل الاتفاق والأم أخذت ألعابه بعيدًا فيجب أن يكون هناك لين من الأم لتفهم مشاعر طفلها.
يجب أيضًا ثبات الأم على الموقف بأخذ اللعب بعيدًا عنه دون توبيخ أو لوم.
العواقب الطبيعية
يتحمل الطفل عاقبة تصرفه الطبيعية، فمثلًا إذا كان الطفل مُدرِك ونسى طعامه في المنزل وذهب إلى المدرسة دون طعام، فعليه تحمل عاقبة نسيانه وهو الشعور بالجوع.
هنا لا تذهب الأم -في هذا الموقف- لتعطيه الطعام، ولا تتحدث معه بالتوبيخ أو اللوم.
تستخدم هذه الطريقة فقط إذا كان الطفل يستطيع تحمل عاقبة أفعاله، وكذلك الآباء مثل تحمل الجوع مدة قصيرة، وأن تكون عاقبة تصرف الطفل آمنة وليست خطيرة عليه.
العواقب المنطقية
هنا توضح الأم للطفل تحمل نتيجة أفعاله، بمعنى إذا سكب الطفل اللبن على الأرض، فالعاقبة المنطقية تنظيف الطفل اللبن المسكوب.
إذا كسر الطفل شيئًا في البيت، فعاقبتها المنطقية أن يدفع ثمنها من مصروفه، وإذا كانت بمبلغ كبير يقسط ثمنها من مصروفه.
لا توبخ الطفل أو تضربه أو تعنفه، وإذا كان الموقف مثيرًا للعصبية يمكن أخذ وقت تهدئة للطفل وللآباء حتى يتدارك الموقف دون خسارة الطفل.
قد يشير خطأ الطفل إلى نقص مهارة عنده أو لجهله بنقطة معينة، فسكب الطفل للبن يدل على جهله بكيفية حمل الكوب.
حل المشكلات
يجب على الآباء التركيز على الحلول بدلًا من عقاب الطفل، ليتعلم الاعتماد على نفسه ولتنمية مهارة حل المشكلات لديه، وذلك بالآتي:
- الإنصات الجيد للطفل والسماح له بالتعبير عن وجهة نظره، ومشاعره وعدم الاستخفاف بآرائه؛ فيتهيأ للخطوة الثانية.
- توضح الأم وجهة نظرها دون تعنيف أو سخرية واستخدام لغة أنا مثل “أنا أشعر بالغضب لانسكاب اللبن على الأرض”.
- التفكير مع الطفل في حلول وكتابة كل الحلول المقترحة من الأم والطفل سواء كانت واقعية أو خيالية مثل “جعل اللبن يطير”.
- حذف الحلول غير المنطقية والتركيز على حل واحد يسهل تطبيقه.
الاجتماعات العائلية
يتفق أفراد العائلة على موعد أسبوعي ثابت للتجمع، ومناقشة المشكلات بهدف الحل وليس التوبيخ واللوم، مثل:
- يشكر كل فرد كل أفراد الأسرة واحدًا تلو الآخر على ما يستحق الشكر مثل مساعدته في حل الواجب.
- مشاركة كل فرد بموقف حدث له سواء موقف مفرح أو محزن.
- طرح المشكلة ومحاولة إيجاد الحلول لها من جميع الأشخاص .
عقاب الأطفال عمر سنتين
يصعب التعامل مع السن الصغير لجهله عواقب تصرفاته، وعليه فالتعامل معه قد يختلف اختلافًا بسيطًا عن التعامل مع من هم أكبر منه.
عندما يركض الطفل في الشارع، ويعد هذا تصرفًا خطئًا، فبدلا من عقابه بالصراخ أو الضرب يمكن استخدام أحد هذه الحلول.
التعبير عن المشاعر دون مهاجمة الطفل
مثل أنا غاضب من تركك يدي في أثناء عبور الشارع.
عرض اختيارات
مثل، هل تحب أن تمسك يدي اليمنى أم اليسرى؟
إعلان رفض سلوك الطفل دون مهاجمته
مثل أنا لا أحب هذا التصرف، فركض الأطفال في الشارع أمر مخيف ومؤذي لهم.
مشاركة الطفل في شيء مفيد
مثل هل تريد أن تمسك بالأشياء معي ونمشي معًا في الشارع؟
الاتفاق المسبق مع شرح سبب تصرف الآباء ووضع خطط بالرسم أو الكتابة
مثل: عقد اتفاق مسبق بضرورة إمساك اليد في الشارع أو في أثناء عبور الطريق والاستعانة بأغاني وفيديوهات للأطفال لتوضيح الفكرة.
في الختام، التربية ليست عملية هينة بل هي مهنة مدتها العمر كله؛ فالخطأ فيها يمكن تداركه على مدار الأيام.
لكن التهاون في الخطأ يخلق شخصًا غير سوي ضعيف الشخصية؛ لذلك يجب أن تعلم كيفية التربية وكيفية عقاب الأطفال دون تشويه شخصيتهم.