تجربتي مع الاكتئاب الذهاني | عندما تكسو حياتك الكآبة والهلاوس!
يعد الاكتئاب الذهاني نوعًا من أنواع الاكتئاب الذي يصاحبه الانفصال عن الواقع، بسبب اضطراب الحالة النفسية والمزاجية للمصاب.
يعاني المريض أعراضًا تشبه أعراض الاكتئاب الحاد، مثل: الحزن الشديد، وحب العزلة، والإحساس باليأس.
يشكو أيضًا المصاب أعراض الذهان، وهي مجموعة من الضلالات والهلاوس، مثل: سماع أصوات أو رؤية أشياء ليس لها وجود، أو يتوهم المصاب أن لا قيمة له.
إليك -عزيزي القارئ- في هذا المقال تجارب حالات شفيت من الاكتئاب الذهاني، وأسبابه، وأعراضه، وكيفية علاجه.
تجربتي مع الاكتئاب الذهاني (Psychotic depression)
يسرد أحد المصابين تجربته قائلًا: “حُرمت متعة الاستمتاع بحياتي نتيجة إصابتي بالاكتئاب الذهاني، فذلك اللص اللئيم سرق عمري وأحلامي، ودفِنت سنوات عمري وبُدِدت هباءً.
فبتُ أعاني الهلاوس والتوهم، وأصبح الانتحار فكرة ملحة تجول دائمًا في خاطري إلى أن ذهبت للطبيب والتزمت بأدوية علاج الاكتئاب الذهاني وبعدها تحسنت حالتي”.
أعراض الاكتئاب الذهاني
فيما يلي بيان لأهم الأعراض التي يسببها الاكتئاب الذهاني:
- عدم المبالاة.
- التوهم.
- الأرق.
- اضطراب الشهية.
- فقدان الاهتمام بالذات.
- الإحساس بالذنب دائمًا.
- فرط الانفعال.
- الحزن الشديد.
- الوسواس المرضي.
- الضعف الإدراكي.
- تملك اليأس من المصاب.
- كثرة التفكير في الانتحار.
يجدر بالذكر أن الأعراض الذهانية الناجمة عن الإصابة بالاكتئاب الذهاني يمكن تقسيمها إلى الآتي:
- أعراض ذهانية تطابق الصفات الاكتئابية
يسبب هذا النوع إصابة المريض باليأس، والحزن الدفين، وفقدان القدرة على الكلام.
- أعراض ذهانية تناقض الأعراض الاكتئابية
يشعر المريض في هذه الحالة بالاكتئاب، ولكن في الوقت ذاته مفعم بالحيوية، والنشاط، والعظمة.
أسباب الإصابة بالاكتئاب الذهاني
لم يتوصل العلماء إلى معرفة أسباب هذا الداء إلى الآن، ولكن توجد بعض العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة بالمرض، من أهمها:
العوامل الوراثية
قد تؤثر الجينات في الإصابة؛ إذ يعتقَد أن وجود تاريخ عائلي لحالات الإصابة بهذا الداء لدى أحد أفراد الأسرة وخاصة الأبوين، يزيد احتمالات الإصابة.
أحداث الحياة اليومية
يحدث المرض نتيجة التعرض إلى بعض الضغوطات والصدمات العصبية، مثل: فقدان شخص عزيز، أو الطلاق، أو المخاوف المالية.
العوامل الصحية
تزيد بعض الأمراض خطر الإصابة بالاكتئاب الذهانِي، مثل: الإصابة بداء الشلل الرعاش، وألزهايمر، والسكتة الدماغية.
تناول بعض العقاقير المخدرة
تحدث الإصابة نتيجة تناول بعض المخدرات، التي قد تسبب تلف خلايا الدماغ مثل عقار الماريجوانا.
هل الاكتئاب الذهاني خطير؟
من المؤسف أن من أبرز المضاعفات هو رغبة المريض الملحة بالانتحار وإيذاء نفسه، لذا يعد هذا الداء من الحالات الذهنية والنفسية الطارئة، التي تستدعي التدخل الطبي والمتابعة المستمرة.
تشخيص الاكتئاب الذهاني
يطرح الطبيب النفسي بعض الأسئلة لمعرفة التاريخ المرضي، والأعراض التي يعانيها المصاب.
قد يوصي أيضًا بإجراء بعض الفحوصات المختبرية مثل اختبار الدم والبول، لاستبعاد بعض الأمراض المحتملة الأخرى، أو الكشف عن وجود أمراض محفزة للإصابة بالاكتئاب.
هل يشفى مريض الاكتئاب الذهاني؟
من الممكن علاج الاكتئاب الذهانِي، ولكن لا بد من معرفة مدى تطور الحالة.
يعتمد العلاج على التشخيص الجيد، واتباع الخطوات العلاجية مبكرًا، ومتابعة الطبيب باستمرار، كي لا تتفاقم الأعراض ويصبح هذا الداء مزمنًا.
فيما يلي بيان لأهم الوسائل العلاجية المتبعة:
أدوية الاكتئاب الذهاني
يعد أحد ركائز علاج هذا الداء، إذ يصف الطبيب بعض الأدوية التي تخفف حدة الأعراض الناجمة عن الإصابة، ومن أهمها:
- مضادات الاكتئاب، التي تعيد توازن النواقل العصبية في الدماغ.
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنوريبنفيرين.
يلجأ الطبيب أيضًا إلى وصف مضادات الذهان ومضادات الاكتئاب للمريض مع بعضهما، مثل:
- فينلافكسين وكوتايبين.
- سيرترالين والأولانزابين.
- فلوكسيتين والأولانزابين.
يوصى بألا يتوقف المريض عن تناول هذه الأدوية من تلقاء نفسه، ودون استشارة الطبيب، لتجنب التعرض إلى الانتكاسة.
العلاج النفسي والسلوكي
يهدف العلاج النفسي والسلوكي إلى إتاحة الفرصة للمريض لكي يعبر عن نفسه، ويتحدث عن ما يؤرقه، ومساعدته على إيجاد الحلول، وتعليمه وسائل جديدة للتفكير والتصرف.
العلاج بالصدمات الكهربائية
عادةً يستخدم العلاج بالصدمات الكهربائية في حال عدم استجابة بعض المصابين للعلاج بالأدوية.
تُجرى عملية العلاج في المستشفى باستخدام تيارات كهربائية بقوة معينة على دماغ المصاب، وتحت تأثير التخدير العام.
يعد من أبرز العلاجات الفعالة والآمنة للسيطرة على داء الاكتئاب الذهانِي، وكبح جماح الميول الانتحارية التي تراود المريض.
عادةً يوصي الطبيب بتناول الأدوية بعد إجراء الصدمات الكهربائية، للحد من مهاجمة الأعراض للمريض مرة أخرى، وإصابته بالانتكاسة.
كيفية التعامل مع مريض الاكتئاب الذهاني
يعاني كثير من المصابين بهذا الداء الميول الانتحارية والرغبة في إيذاء النفس، أو إيذاء من حولهم من الأشخاص، لذا يوصى باتباع هذه التعليمات في حالة علاج الاكتئاب الذهاني في المنزل لتجنب المخاطر:
- إزالة جميع الأدوات الحادة القريبة من المريض.
- استمع إلى المريض دون الصراخ، أو التهديد، أو الجدال.
- الاتصال بالطوارئ على الفور.
- طلب المساعدة الطبية.
- إقصاء جميع الأدوية؛ فقد يقدم المريض على الانتحار بتناول كميات كبيرة منها.
ما الفرق بين الاكتئاب الذهاني والعصابي؟
يُعرف الاكتئاب العصابي باسم dysthymia disorder، فهو حالة من اضطرابات المزاج المزمنة البسيطة.
يجدر بالذكر أن أعراض الاكتئاب العصابي قد تستمر لأكثر من عامين، ولكن يمكن علاجها بسهولة، بمساعدة بعض الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب.
ومن أبرز علامات الاكتئاب العصابي:
- العزوف عن تناول الطعام.
- التشاؤم واليأس.
- الحزن.
- تراجع مستوى نشاط الجسم وحيويته.
- اضطرابات النوم.
أما الاكتئاب الذهاني يجعل المريض يعاني الحزن الدفين وانفصاله عن الواقع، وتجول بخاطره سيل من الأفكار الانهزامية والهلوسة، وقد يقدم على الانتحار.
الفرق بين الاكتئاب الذهاني والفصام
يُعرف الفصام بأنه أحد الاضطرابات النفسية المزمنة؛ إذ يعاني المصاب تحريف الأشياء التي يراها أو يسمعها، ويرى الحقائق مختلفة عن الآخرين، مع تشويه الواقع الذي يعيشه.
كذلك يعاني الهلاوس البصرية والسمعية، والحساسية تجاه الأصوات والضوء.
قد يتعرض مرضى الاكتئاب الذهاني إلى الإصابة بالفصام، نتيجة معاناتهم الهلاوس أو التوهم، والأفكار السلبية، وسماع أصوات تخبره دائمًا أنه عديم الفائدة.
الوقاية من الإصابة بالاكتئاب
يجب أن نعي أن هناك بعض الأمور تجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب، مثل: ظروف البيئة، والجينات، والنواقل الكيميائية في الدماغ، والإصابة ببعض الأمراض العصيبة، فهي أمور لا مفر ولا يستطيع أن يقي نفسه منها.
لكن هناك بعض النصائح التي تساعد الإنسان على حمايته من القلق المزمن والانفعالات وعدم ضبط النفس، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالاكتئاب، ونذكر منها الآتي:
- الحصول على قسط كاف من النوم.
- الحرص على ممارسة الرياضة.
- تجنب المشروبات الكحولية والمخدرات.
- ممارسة تمارين التأمل مثل اليوجا، وتمارين اليقظة الذهنية لتخفيف حدة التوتر والقلق.
- البقاء مع العائلة والأصدقاء في أثناء الأوقات العصيبة، وعند إصابتك بالمحن أو الشدائد.
- متابعة الطبيب باستمرار.
- تناول الأدوية التي من الممكن أن تحد من عودة الاكتئاب مرة أخرى.
- توطيد العلاقات الاجتماعية.
- تناول الغذاء الصحي، الذي يحتوي على أوميجا 3 وحمض الفوليك.
وفي الختام…
ينبغي اللجوء إلى الطبيب النفسي في أسرع وقت ممكن عند ظهور أحد أعراض الاكتئاب الذهاني، لكبح جماحه وحماية المريض من مضاعفاته.
يجب أن نعي أن كثرة التفكير في الهموم لا تجدي، ولا حب الاكتئاب والانزواء على الذات يشفي، وأن يدفعنا القلق والمواقف المخيبة للآمال إلى السعي والنجاح، وليس إلى الحزن واليأس، وتذكر -عزيزي- دائمًا إن مع العسر يسر.