هل اضطراب الآنية يؤدي إلى الجنون؟ | الغربة عن الواقع
هل اضطراب الآنية يؤدي إلى الجنون؟
يصاب كثير من الأشخاص باختلال الآنية في أثناء حياتهم، فقد يشعر الإنسان بأنه يراقب تصرفاته من خارج جسده دون أن يتحكم فيها، أو يشعر بأن جدارًا زجاجيًا يفصله عن العالم.
لكن هل اضطراب الآنية خطير؟ ومتى يجب عليَّ الذهاب إلى الطبيب؟ وهل يمكن علاج اضطراب الآنية بالأعشاب؟
كيف اعرف أنى مصاب باضطراب الآنية؟
يُعد نوعًا من الاضطراب الانفصالي (الاضطراب الانشقاقي)، إذ تشعر باستمرار بأنك تراقب حياتك من خارج جسدك.
كأن تشعر بأن الأشياء حولك ليست حقيقية، وتكون هذه المشاعر مزعجة للغاية فلا تستطيع معرفة إذا كنت تحلم أم أنك على أرض الواقع!
يعد شائعًا عند الأشخاص الذين مروا بتجارب مؤلمة، ويطلق عليه “اختلال الآنية” أو “اضطراب تبدد الشخصية والغربة عن الواقع” (Depersonalization-derealization disorder-DDD).
يعد اختلال الآنية أحد أعراض الاضطرابات العقلية والاضطرابات الجسدية أيضًا، مثل النوبات.
يحدث الاضطراب للرجال والنساء على حدٍ سواء، ويشيع غالبًا في منتصف سن المراهقة أو في أواخرها، وتبدأ (5%) فقط من الحالات بعد سن (25) عام، ونادرًا ما يحدث بعد سن الأربعين.
الأسئلة الشائعة حول اختلال الآنية
سنجيب عن بعض أسئلة المرضى، مثل:
هل اضطراب الآنية خطير؟
قد يكون اختلال الآنية غير مقلق، ويصاب به كثير من الأشخاص من وقت إلى آخر بسبب الإجهاد الشديد.
لكن إذا شعرت أنه يؤثر في العلاقات والعمل والأنشطة اليومية، فمن الأفضل الذهاب إلى الطبيب.
هل اختلال الآنية يؤدي إلى الجنون؟
لا يؤدي هذا الاضطراب إلى الجنون، لكنه يؤدي إلى أعراض تجعل الإنسان مشوه الإدراك لما حوله.
وقد تستمر هذه الأعراض مدة قصيرة أو تستمر عدة أشهر أو سنوات، مما يؤدي إلى مشكلات في الحياة اليومية.
هل اختلال الآنية مرض مزمن؟
لا يمكننا القول بأنه مرض مزمن، لأنه يختلف من شخصٍ إلى آخر، فقد يشفى الشخص من الاضطراب دون أدوية أو علاج نفسي.
تختلف مدة الشفاء من اختلال الآنية وفقًا للحالة المرضية فقد تستمر الأعراض شهور أو سنوات، وفي النهاية يمن الله عليهم بالشفاء.
هل يوجد علاقة بين اختلال الآنية والقلق النفسي؟
أثبتت دراسة أجريت عام (2003) على (117) شخص بوجود علاقة بين اختلال الآنية والقلق النفسي، إذ إن الأشخاص الذين يعانون اضطراب الآنية غالبًا ما يعانون الاكتئاب أو القلق أو كليهما.
ما هو دواء اختلال الآنية؟
لا يوجد دواء مخصص لعلاج اضطراب تبدد الشخصية، ويمكن علاج اختلال الآنية بدون أدوية.
قد يصف الطبيب بعض الأدوية لعلاج الأعراض المصاحبة للاضطراب، أو لعلاج الاكتئاب والقلق اللذان غالبًا ما يرتبطان باختلال الآنية.
هل يمكن الشفاء من اضطراب تبدد الشخصية؟
نعم، فقد تظهر علامات الشفاء من اختلال الآنية عند البعض دون أي أدوية أو علاج نفسي، وقد يحتاج البعض الآخر إلى العلاج لحل المشكلات المسببة للاضطراب.
أسباب اضطراب الآنية
لا يعرف الباحثون حتى الآن أسباب اختلال الآنية، لكن للعوامل البيولوجية والبيئية دورًا هامًا في ذلك.
قد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة باختلال الآنية بسبب عوامل وراثية وبيئية، ومنها:
- يملكون جهازًا عصبيًا أقل تفاعلًا مع المشاعر (الصدمات العاطفية).
- سمات شخصية تجعلهم يرغبون في تجنب المواقف الصعبة أو إنكارها.
- التعرض لإجهاد شديد، مما يؤدي لحدوث الاضطرابات الانفصالية.
- حدوث الصدمات مثل الموت المفاجئ لأحد أفراد الأسرة أو الحروب.
يوجد أيضًا بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث اختلال الآنية، ومنها:
- بعض الأدوية مثل المهلوسات.
- التعب الشديد.
- قلة النوم.
- الاكتئاب أو القلق.
- التنبيه الحسي الذي يحدث في وحدة العناية المركزة.
أعراض اضطراب الآنية
تظهر أعراض اختلال الآنية الجسدية عادةً في منتصف سن المراهقة أو في آخرها أوعند البلوغ، ويعد حدوثها أمرًا نادرًا عند الأطفال وكبار السن.
تنقسم الأعراض إلى فئتين: أعراض تبدد الشخصية وأعراض الاغتراب عن الواقع، ومن الممكن أن يعاني الشخص أحدهما أو كليهما.
أعراض تبدد الشخصية
تشمل أعراض تبدد الشخصية ما يلي:
- الشعور بأنك خارج جسدك، كأنك تنظر إلى نفسك من الأعلى.
- إحساسك بالانفصال عن نفسك، كأنك ليس لديك ذات فعلية.
- خدر في عقلك أو جسدك، كأن حواسك متوقفة.
- الشعور بأنك إنسان آلي ولا تستطيع أن تتحكم فيما تفعله أو تقوله.
- الاعتقاد بأن أجزاء جسمك ليست بحجمها الصحيح.
- صعوبة ربط العاطفة بالذكريات، وعدم معرفة هل هي ذكرياتك الخاصة أم لا؟
أعراض الاغتراب عن الواقع
من أعرض الاغتراب عن الواقع ما يلي:
- تواجه مشكلة أو صعوبة في التعرف إلى البيئة المحيطة بك.
- تشعر بأن جدارًا زجاجيًا يفصلك عن العالم، فأنت ترى ما وراءه لكن لا يمكنك التواصل معه.
- تتخيل بأن البيئة المحيطة بك ليست حقيقية، فهي تبدو مسطحة أو ضبابية، أو بعيدة جدًا، أو قريبة جدًا، أو كبيرة جدًا، أو صغيرة جدًا.
- تعاني تشويش في وقت حدوث الأشياء، فقد تشعر بأن الماضي حديثًا جدًا، وبأن الأحداث الأخيرة كأنها حدثت منذ مدة طويلة.
تستمر هذه النوبات ساعات أو أيام أو أسابيع أو حتى أشهر في كل مرة.
قد تتحول هذه النوبات إلى مشاعر مستمرة من تبدد الشخصية أو الغربة عن الواقع، وقد تتحسن أو تزداد سوءًا.
تشخيص اضطراب الآنية
من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالابتعاد عن العالم أحيانًا، لكن هذا ليس دليلًا كافيًا على الإصابة باختلال الآنية وتبدد الواقع، ويبدأ القلق عندما تؤثر هذه الأعراض في حياتك اليومية.
سيسألك الطبيب قبل تشخيص الاضطراب عدة أسئلة، منها ما يلي:
- هل تعاني نوبات منتظمة من تبدد الشخصية، أو الاغتراب عن الواقع أو من كليهما؟
- هل تكون على دراية بالواقع عندما تعاني هذه الأعراض؟
لأن الأشخاص المصابون باختلال الآنية يدركون أن ما يشعرون به ليس حقيقيًا تمامًا، فإذا لم تكن على دراية بالواقع فقد تكون مصابًا بحالةٍ أخرى.
سيتأكد الطبيب أيضًا مما يلي:
- أن الاضطراب لا ينتج عن الأدوية أو الحالة الصحية.
- لا ينتج عن حالات الصحة العقلية، مثل اضطراب الهلع، أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو الفصام.
- يتأكد الطبيب أيضًا من أنه لا ينتج عن حالات الاكتئاب أو القلق.
علاج اضطراب الآنية
يعد علاج اختلال الآنية علاجًا نفسيًا في المقام الأول، وقد يضيف الطبيب بعض الأدوية إلى خُطَّة العلاج ولا يوجد علاج بالأعشاب لاختلال الآنية.
غالبًا ما يتضمن العلاج مزيجًا من:
العلاج النفسي
يعد العلاج الرئيس للاضطراب، والهدف منه السيطرة على الأعراض حتى تقل أو تختفي، ويشمل:
1. العلاج السلوكي المعرفي
يركز على تغيير أنماط التفكير والمشاعر والسلوكيات.
2. العلاج السلوكي الجدلي DBT
يساعدك DBT على تحمل المشاعر الصعبة، ومفيد في حالة تعرضك للصدمة.
3. إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة
قد يساعدك على التعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة، ويقلل الكوابيس المستمرة وذكريات الماضي المؤلمة.
4. العلاج الأُسري
تتعرف الأسرة إلى اختلال الآنية وأعراضه، وكيفية التعامل مع الشخص المصاب.
5. العلاجات الإبداعية
قد يساعد الفن أو الموسيقى على استكشاف أفكارك ومشاعرك، والتعبير عنها في بيئةٍ آمنة.
علاجات أخرى
سنذكر علاجات تساعد على التخلص من اختلال الآنية، أبرزها:
1. تقنية التأمل والاسترخاء
تعلمك هذه التقنية ضبط أفكارك ومشاعرك، وتساعدك تمارين اليقظة الذهنية أيضًا على تهدئة ردود أفعال جسدك.
2. العلاج بالتنويم الإيحائي
يستخدم هذا العلاج الاسترخاء الشديد والتركيز، ويهدف إلى تحقيق حالة شديدة من الوعي.
قد يساعدك على استكشاف الأفكار والمشاعر والذكريات العميقة، مما يؤدي إلى الوصول إلى أصل المشكلة.
ختامًا…
قد يكون اضطراب الآنية ليس اضطرابًا خطيرًا ولا يسبب الجنون، عندما تشعر بالانفصال عن نفسك أو محيطك فترة قصيرة ومن حينٍ لآخر.
لكن إذا أثَرت أعراض اختلال الآنية في حياتك اليومية، فمن الأفضل الذهاب إلى الطبيب ليقدم لك النصيحة.