الغدة الزعترية ووهن العضلات | وظيفتها وأضرار استئصالها
نهتم جميعًا بتقوية مناعتنا بالبحث الدائم ليظل الجسم سليمًا ويتصدى لأنواع الغزاة المختلفة، لكن هل سمعت عن أصل المناعة في الجسم، هل سمعت عن الغدة الزعترية؟
تابع معنا هذا المقال لتتعرف إليها أكثر وعلاقتها بالمناعة.
ما هي الغدة الزعترية؟
غدة صغيرة تقع خلف عظمة القص وأمام القلب في المنطقة الواقعة بين الرئتين، تؤثر في جهاز المناعة وكذلك جهاز الغدد الصماء.
قد توجد في أماكن أخرى، مثل: الرقبة أو الغدة الدرقية أو على سطح الرئتين بالقرب من منطقة دخول الأوعية الدموية أو الشعب الهوائية إلى الرئتين.
مع أنّ الغدة الصعترية تبدأ في الضمور بعد البلوغ، إلّا أن تأثيرها في تدريب الخلايا الليمفاوية التائية على مكافحة البكتيريا والميكروبات والسرطان أيضًا يستمر مدى الحياة.
لماذا سميت الغدة الزعترية بهذا الاسم؟
سُميت بهذا الاسم بسبب تشابهها مع ورقة نبات الزعتر، إذ تتكون من فصين متماثلين في الحجم.
تحتوي القشرة الخارجية للغدة على الخلايا الليمفاوية التائية غير الناضجة، أما الجزء الداخلي فتشغله الخلايا الليمفاوية التائية الناضجة.
تُعد الغدة الصعترية عضوًا ليمفاويًا (عضو في جهاز المناعة)، يشبه اللوزتين واللحمية والطحال.
أورام الغدة الزعترية
سرطان الغدة الزعترية ينشأ من الخلايا الطلائية في الغدة الصعترية، وقد تكون حميدة أو خبيثة.
قد تحدث الأورام في الغدة الزعترية نفسها أو ما يجاورها خلف عظمة القص أو في المناطق الأخرى التي قد تتواجد فيها الغدة الزعترية أحيانًا، مثل: الرئتين والرقبة والغدة الدرقية.
الغدة الزعترية ووهن العضلات
يعد وهن العضلات من أمراض المناعة الذاتية، ويحدث عند 25% من الأشخاص المصابين بالورم التوتي (ورم في الغدة الزعترية)، وقد يحدث أيضًا مع فرط تنسج الغدة الصعترية.
الوهن العضلي من أمراض المناعة الذاتية ناتج عن مشكلات في الاتصال بين العضلات والأعصاب.
يتميز بضعف شديد في العضلات سواءٌ كانت العضلات الطرفية أو العضلات التنفسية مما يؤدي إلى مشكلات في التنفس.
وظيفة الغدة الزعترية
تنشَط الغدة الزعترية للغاية في وقت ما قبل الولادة حتى سن البلوغ، وتعمل مثل عمل الأعضاء الليمفاوية وأيضًا مثل عضو في جهاز الغدد الصماء (الجهاز الذي ينتج الهرمونات).
ولفهم الدور الذي تلعبه الغدة الصعترية في المناعة، يجب علينا أولًا التمييز بين الخلايا الليمفاوية البائية والخلايا الليمفاوية التائية.
الفرق بين الخلايا التائية والخلايا البائية
تنضج الخلايا الليمفاوية التائية (المعروفة أيضًا باسم الخلايا الليمفاوية المشتقة من الغدة الصعترية)، في الغدة الصعترية.
لها دورًا مركزيًا في المناعة الخلوية، مما يعني أن الخلايا نفسها تحارب الأجسام الغريبة، مثل: البكتيريا والفيروسات والخلايا السرطانية.
على عكس الخلايا البائية التي لا تحارب الأجسام الغريبة بنفسها، لكن تنتج أجسامًا مضادة ضد أنواع محددة من البكتيريا والفيروسات، وهي جزء من جهاز المناعة الخلطي.
ساحة تدريب الخلايا التائية
جزء من جهاز المناعة التكيفي، تعَد الغدة الزعترية ساحة تدريب للخلايا الليمفاوية التائية.
إذ تنتقل الخلايا التائية غير الناضجة (التي تسمى الخلايا السلفية)، من نخاع العظام عبر مجرى الدم إلى الغدة الصعترية، وهناك تنضج وتتمايز إلى الخلايا التائية المتخصصة.
أنواع الخلايا التائية
تتمايز الخلايا التائية في الغدة الصعترية إلى ثلاثة أنواع رئيسة، وهم:
- الخلايا التائية السامة
وهي مسؤولة عن قتل الخلايا المصابة مباشرةً.
- الخلايا التائية المساعدة
تساعد الخلايا البائية على إنتاج الأجسام المضادة، وكذلك تنشط أنواع أخرى من الخلايا التائية للتصدي للأجسام الغريبة.
- الخلايا التائية التنظيمية
تعمل هذه الخلايا كشرطي، إذ إنها تثبط كلاً من الخلايا البائية والخلايا التائية الأخرى.
وظيفة الخلايا التائية الناضجة
تؤدي الخلايا التائية الناضجة بعض الأدوار الرئيسة، ومنها:
- المشاركة في مناعة الجسم
تعد الخلايا التائية جزءًا من جهاز المناعة التكيفي، إذ تُدرب كل خلية للتعرف إلى مستضد معين.
عند تعرض الخلايا التائية لجسمٍ غريبٍ، تلتصق الخلايا التائية السامة بالخلايا المصابة وتقتلها بمساعدة الخلايا التائية المساعدة والتنظيمية.
- منع تطور المناعة الذاتية
عمومًا تكون الخلايا التائية محصنة داخل قشرة الغدة الصعترية، لذا لا تتأثر بخلايا الجسم، مع ذلك يتخلص من الخلايا التي أصبحت حساسة عن طريق الخطأ.
تساعد هذه الوظيفة على منع تطور اضطرابات المناعة الذاتية، وهي الحالة التي يهاجم فيها الجسم أنسجته بدلًا من الأجسام الغريبة.
يزداد خطر الإصابة بأحد هذه الاضطرابات، إذا أُزيلت الغدة في وقت مبكر.
- إبطاء عملية الشيخوخة
أصبح واضحًا في السنوات الأخيرة أن الشيخوخة ليست مجرد عملية يتآكل فيها الجسم، لكنها عملية نشطة.
بعبارة أخرى نحن مبرمجون على التقدم في العمر، وقد يكون ضمور الغدة الصعترية صورة من صور الشيخوخة المبرمجة، إذ يكون سببًا في تدهور المناعة مع تقدم العمر.
يؤدي هذا الانخفاض في المناعة نتيجة لضمور الغدة الزعترية إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى وتقليل الاستجابة للقاحات.
بحثت عدد من الدراسات طرق تأخير ضمور الغدة الصعترية على أمل إبطاء عملية الشيخوخة.
تشير النتائج المبكرة إلى أن تقليل السعرات الحرارية قد يبطئ الضمور، لكن البحث لا يزال في المهد.
هرمونات الغدة الزعترية
تفرز الغدة الصعترية عدة هرمونات، وهم:
1.هرموني الثيموبويتين (Thymopoietin) والتيمولين (Thymulin)
وهي الهرمونات التي تساعد على تمايز الخلايا التائية إلى أنواعها المختلفة.
2.هرمون الثيموسين (Thymosin)
يبرز الاستجابة المناعية، ويحفز هرمونات الغدة النخامية مثل هرمون النمو.
3.العامل الزعتري الخلطي (Thymic Humoral Factor)
يعمل بطريقة مشابهه للثيموسين، لكنه يزيد الاستجابة المناعية للفيروسات على وجه الخصوص.
قد تنتج الغدة الصعترية أيضًا كميات صغيرة من الميلاتونين والأنسولين
أمراض الغدة الزعترية
قد تظهر بعض أعراض الغدة الزعترية نتيجة عديد من الأمراض والاضطرابات التي تصيبها.
وتتراوح هذه الاضطرابات بين الوراثية التي تظهر عند الولادة والسرطانات التي تشيع عند كبار السن.
قد تؤدي هذه الاضطرابات إلى مشكلات في المناعة، أو تساهم في تطوير أمراض المناعة الذاتية، مثل: وهن العضلات ونقص جاما جلوبين الدم.
نقص تنسج أو عدم تنسج الغدة الزعترية
يعد اضطراب النمو الذي يطلق عليه “متلازمة دي جورج” حالة غير شائعة تتميز بانخفاضٍ كبيرٍ في وظيفة الغدة الصعترية أو غيابها تمامًا.
يحدث هذا بسبب طفرة جينية، ويعاني الأطفال المصابون بهذه الحالة نقصًا حادًا في المناعة، ويزداد خطر إصابتهم بالعدوى، وكذلك قصور الدريقات (Hypoparathyroidism).
وما زالت الأبحاث جارية لمعرفة كيف يمكن تنشيط الغدة الزعترية وتحسين وظائفها الحيوية.
فرط تنسج الغدة الزعترية
غالبًا ما يظهر تضخم الجرَيبات الليمفاوية في الغدة الصعترية في أمراض المناعة الذاتية، مثل: الوهن العضلي، ومرض جريفز والذئبة.
كيسات الغدة الزعترية (Thymic Cysts)
وجود الكيسات بمفردها هي حدث عارض قد لا يسبب أي مشكلات، لكنها قد تشير إلى وجود سرطان مثل سرطان الغدد الليمفاوية.
شكل الغدة الزعترية والتغيرات العمرية
يكون حجم الغدة الصعترية كبيرًا عند الرضع، وتظل تنمو في مرحلة الطفولة حتى تصل إلى أقصى حجم لها عند البلوغ.
تبدأ الغدة الصعترية بالضمور بعد البلوغ، وتحل الدهون محل أجزاء كبيرة منها.
يكون حجمها صغيرًا عند كبار السن، لكنها قد تصاب بالضمور المبكر في بعض الأحيان استجابةً للإجهاد الشديد.
يستخدم مصطلح “ارتداد الغدة الزعترية” لوصف ضمور الغدة الصعترية مع تقدم العمر.
استئصال الغدة الزعترية
يمكن إجراء جراحة لإزالة الغدة الصعترية لعدة أسباب، منها:
1.العيوب الخلقية في القلب
نظرًا لوجود الغدة أمام القلب، فيتوجب إزالتها كي يتمكن الجراحون من الوصول للقلب عند الرضع.
2.الإصابة بسرطان الغدة الصعترية
سبب شائع لإزالة الغدة الصعترية جراحيًا.
3.مرض وهن العضلات
من الحالات التي تُعالج باستئصال الغدة الصعترية، عند إزالة الغدة بالكلية فيتعافى حوالى 60% من المصابين بالوهن العضلي.
عادةً ما تجرى الجراحة بعد سن البلوغ حتى منتصف العمر لتجنب عواقب إزالة الغدة في وقت مبكر من الحياة.
أضرار استئصال الغدة الزعترية
تلعب الغدة الصعترية دورًا مهمًا في المناعة الخلوية، لكن لحسن الحظ يحدث جزء كبير من هذه الفائدة قبل الولادة (لأن الخلايا التائية التي تشكلت خلال النمو في الرحم تدوم طويلًا).
مع ذلك هناك عواقب محتملة لإزالة الغدة في وقت مبكر، مثل إزالتها في جراحات القلب عند الرضع.
إذ تزيد الإزالة المبكرة للغدة خطر الإصابة بالعدوى وتطور أمراض المناعة الذاتية، مثل فرط نشاط الغدة الدرقية وكذلك تزيد خطر الإصابة بالأمراض التأتبية، مثل الحساسية، والربو والإكزيما.
وربما تزيد خطر الإصابة بالسرطان، إذ تلعب الخلايا التائية دورًا مهمًا في الوقاية من السرطان.
هناك بعض الأدلة التي تشير إلى وجود علاقة بين إزالة الغدة الصعترية والشيخوخة المبكرة لجهاز المناعة.
ختامًا -عزيزي القارئ- فإن الغدة الزعترية هي غدة صغيرة، وتبدأ في الضمور مع تقدم السن لكنها لها دورًا هامًا في المناعة طوال حياتك، وكذلك الوقاية من أمراض المناعة الذاتية.
ونظرًا لأن معدل الإصابة بأمراض المناعة الذاتية قد زاد زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، فمن المحتمل أن يُولي العلماء مزيدًا من الاهتمام لهذه الغدة.