الصحة النفسية

درجات الشخصية المازوخية | الألم اللذيذ!

اضطراب الشخصية المازوخية-min

تسعى الشخصية المازوخية جاهدة إلى الحصول على المتعة واللذة من خلال الشعور بالألم والمهانة؛ فهو يتلذذ بالسب والقذف والذل.

سنعرض بشيء من التفصيل في السطور القادمة كل ما تود معرفته عن الشخصية المازوخية، وأعراضها، وأنماطها، وكيفية علاجها أيضًا.

ماذا يحب الشخص المازوخي؟

يطلق عليها أيضًا الشخصية الماسوشية، وهي الشخصية المدمرة للذات، وتتلذذ بإيذاء نفسها، وتقسو على نفسها دون رحمة ولا هوادة.

كذلك تعتقد الشخصية المازوخية بأنها لا تستحق الاحترام والتقدير، ولا توجد أي قيمة لها، لذا يقبل الذل والمهانة من الآخرين، ومن المؤسف أنه يستمتع بالخيبات والنكبات.

كيف اعرف ان الشخص مازوخي؟

تعشق تلك الشخصية المعاناة والألم أيضًا، لكنها تعرف جيدًا السيطرة على الموقف، ومتى تتوقف عن السلوك العدواني المؤذي لها قبل أن تسبب لنفسها جروح خطرة.

وبذلك نلاحظ أن التعرض للأذى النفسي والجسدي وأحيانًا التحرش الجنسي في مرحلة الطفولة، هما السبب الرئيس في ترعرع الشخصية المازوخية في الكبر.

عندما يتلقى الطفل سيل من الإهانات، وإجباره على تقديم فروض الطاعة دون نقاش ولا تفكير، مع تسلط الأبوين على أفكاره وأفعاله؛ وبذلك يعتاد التكفير عن أخطائه بالانكسار والإذلال النفسي والجسدي.

تجربتي مع المازوخية

يسرد أحد الأشخاص تجربته قائلًا:

أعاني اضطراب الشخصية المازوخية؛ فتصارعني نفسي وأصارعها ليلًا ونهارًا، ولا أبرح حتى أتلقى مزيدًا من الإهانات والسخافات من المحيطين؛ فهذا يجعلني أشعر بلذة عارمة.

ما هي الشخصية المازوخية-

صفات الشخصية المازوخية

عادةً يفضل المصاب بالشخصية المَازوخية الابتعاد عن الأشخاص الذين يعاملونه بالحسنى.

ويعمل جاهدًا على إثارة غضب المحيطين، لتلقي رد فعل منهم مهين لشخصه، كي تصله جرعة الانهزام والانكسار التي يرجوها.

فيما يلي بيان لأهم صفات الشخصية المازوخية:

  1. ينهِك نفسه في العمل، مع إرغامها على ما لا تطيق من مشقة وتعب.
  2. التضحية المبالغ فيها للمحيطين.
  3. يبحث المصاب على المواقف التي تجلب له الألم والمعاناة.
  4. يختار دائمًا البقاء مع الأشخاص الذين يسببون له الأذى النفسي.
  5. لا يعرف معنى الفرح والسعادة؛ ولذلك يشعر بالخيبة وتأنيب النفس. 
  6. كذلك لا يكل ولا يمل من الشكوى عن حياته، لكن في ذات الوقت يرفض مساعدة الآخرين.
  7. أيضًا لا يعرف الاعتراض، وأن يواجه مواقفه ويقول “لا” في حال الجور على حقه، لكنه يلقي للمسيء وقارًا، ويرتجف رعبًا وخوفًا من الاعتراض وعواقبه.
  8. الشعور بالاكتئاب بعد كل إنجاز.
  9. كذلك لا يستطيع إنهاء مهامه الشخصية، في حين يسعى جاهدًا لإنهاء مهام الآخرين.

درجات الشخصية المازوخية

تنقسم أنماط المازوخية إلى الآتي:

  • النمط الضعيف: يستمتع الشخص المازوخي بالشعور بالخوف، مثل: مشاهدة أفلام الرعب أو الذهاب إلى أماكن الرعب المخيفة.
  • كذلك النمط المتوسط: يشعر المازوخي بالسعادة والمتعة عند تعرضه للسب، والتحقير والضرب، ومن المؤسف أنه لا يبدي أي مقاومة.
  • أيضًا النمط الشديد: نمط مستعصي نوعًا ما؛ إذ يتعمد الشخص المازوخي دائمًا استفزاز المحيطين، كي يغمروه بالسب والإهانة. وقد يعرِض نفسه للأذى الجسدي ويصيب نفسه بجروح بالغة ليشعر بمزيد من المتعة والسعادة.

ما الفرق بين السادية واضطراب الشخصية المازوخية؟

تعد السادية النقيض لاضطراب الشخصية المازوخية، فالشخص السادي يشعر بمتعة عارمة جراء إذلال وتعذيب الآخرين، ويتلذذ بمعاناتهم وآلامهم.

لكن الشخصية المازوخية تتعمد إلحاق الأذى والعذاب بنفسها، فهي تتلقى الألم ولا توجهه للآخرين.

المازوخية الجنسية وكيفية التعامل معها

تعد المازوخية الجنسية من أشهر مظاهر المازوخية، وتظهر في أثناء العلاقة الحميمية؛ إذ يرغب المازوخي في الألم، ليشعر بمزيد من السعادة والمتعة.

أيضًا ينبغي التواصل مع الطبيب في حال إصابة أحد الزوجين بالمازوخية الجنسية، لتجنب عواقبها الوخيمة التي قد تصل إلى حدوث إصابات بالغة أو كسور.

كذلك يوصى أيضًا بعدم إفشاء ما يعانيه أحد الزوجين، وهتك ستر اضطراباته أمام الآخرين؛ إذ يؤثر سلبًا في علاجه وتعافيه.

مضاعفات الشخصية المازوخية

بعد استعراض معاناة وسلوكيات الشخصية المازوخية؛ فمما لا شك فيه أنها عاجلًا أم آجلًا ستؤذي نفسها، ويحل بها مضاعفات لا يحمد عقباها، ومن أبرزها:

  1. إدمان المخدرات والكحول.
  2. التعرض لضائقة مادية.
  3. اضطراب الحياة الاجتماعية.
  4. التعرض لنوبات من الاكتئاب والانزعاج العصبي.
  5. الإصابة ببعض الأعراض الجسدية، مثل: ارتفاع ضغط الدم، واضطراب نظم القلب.

علاج الشخصية المازوخية

يتطلب علاج الشخص المازوخي سنوات من العلاج والمجهود لتغيير اعتقاداته، وأنماط سلوكه وترميم الجانب النفسي لديه، ومن المؤسف أن تلك الصفات لا تتغير بسرعة.

ومن أهم أنماط العلاج المتبعة لعلاج الشخص المازوخي:

  1. العلاج النفسي المعرفي: يحاول المعالج النفسي استيعاب مشكلة المازوخي وينصت إلى ماضيه بحرية تامة؛ ثم يساعده على تخطي أزماته وتحسين نظرته لذاته.

يدفع العلاج النفسي المعرفي المازوخي إلى فهم ذاته وتقبلها واحترامها، ويضعه على أول الطريق للشعور بالسعادة، وأن حياته لها معنى.

  1. العلاج النفسي السلوكي: يهدف العلاج النفسي السلوكي إلى تعليم الشخص المازوخي كيفية التعبير عن نفسه، واحترام ذاته وتقديرها.

يساعده أيضًا على السيطرة على نفسه، وكبح الأفكار التي تراوده وتجبره على الإهانة والإذلال.

  1. العلاج الدوائي: يلجأ إليه الطبيب في كتير من الأوقات، لتحجيم المضاعفات الصحية والنفسية التي قد تلمّ بالشخص المازوخي، مثل: الاكتئاب الحاد وانفصام الشخصية.

قد يصف الطبيب مثبطات السيروتونين في حال معاناة المصاب القلق والاكتئاب؛ جراء جروحة المريرة، وأفكاره السوداء العقيمة، التي تلحق به الأسى والمهانة.

لماذا الشخص يصبح مازوخي؟

يعزي اضطراب الشخصية المازوخية إلى الأسباب الآتية:

  • عوامل تربوية: دائمًا يقع الطفل بين مطرقة تلبية رغباته الذاتية وسندان سيطرة الأبوين عليه.
    • وأن عليه الامتثال لأوامرهم، وعليه السمع والطاعة دون نقاش أو جدال.

حيث ينتهج الأبوان الحب المشروط لطفلهما، وعند رفض أوامرهما يمطرون عليه سيل من الإهانات، والتوبيخ، والمذلة، لينشئوا شخصًا لا يعرف سوى الخضوع والانكسار.

  • أسباب بيئية: أيضًا قد يتعرض الطفل لصدمات عاطفية في البيئة المحيطة به، مثل تعرضه للتنمر والضرب من قرنائه في المدرسة.

فنتيجة افتقاره للحيلة والقوة؛ يجد أن الاستسلام والخنوع هما الحل الأمثل، وبذلك يتلذذ بالتفاخر بآلامه وأوجاعه، لجلب الدعم والعون من المحيطين. 

  • الاعتداءات الجنسية: قد يسبب التعرض للتحرش أو الاغتصاب الإصابة باضطراب الشخصية المازوخية أيضًا.

عادةً تعاني الأنثى هذه الحالة؛ إذ تشعر دائمًا بالذنب، وأنها مَن تسببت فيما حلَّ بها من مصيبة كبرى؛ فتنزوي على نفسها، وتنسحب وهي تلملم ذيل الخيبة والانكسار والضياع.

  • عوامل نفسية: قد ينشأ الأطفال تحت مظلة العنف الأسري، وسوء معاملة الزوج للأم، مع إهانتها دائمًا في العشي والإبكار أمام أطفالها.

يؤدي ذلك إلى تقمص الأطفال شخصية الأم المنكسرة المهزومة، ويلجؤون إلى تعذيب أنفسهم وإذلالها لتخفيف شعورهم بالقلق والخوف.

كيفية التعامل مع الشخصية المازوخية

سأسدي إليكم بعض النصائح الواجب اتباعها في أثناء التعامل مع الشخصية المازوخية:

  1. تقديم الدعم الاجتماعي بتوجيه عديد من النصائح تدريجيًا للشخص المصاب، ليستطيع مواجهة عيوبه ومشكلاته.
  2. تشجيعه على زيارة الطبيب النفسي المختص في حال معاناته الأعراض السابق ذكرها.
  3. الاستعانة بمعالج نفسي لترميم جروح الماضي، والتغلب على ذكرياته المرية.
  4. يوصى بإشغال الشخص المازوخي في ممارسة عديد من الأنشطة الرياضية؛ كي لا يقع فريسة لتلك الأفكار السلبية المهينة.

وختامًا…

انهض -عزيزي- وانفض عنك كل ما عانيت من أسى، ومرار ومهانة، ولا تستلم لآفة اضطراب الشخصية المازوخية.

واعلم جيدًا أن من هانت عليه نفسه فهو على غيره أهون؛ فعش عزيزًا أو مت كريمًا.

المصدر
psychologytodaytheawarenesscentrepubmedbritannicapsychologypsychologytoday

د. سارة حسن

طبيبة بيطرية ومترجمة وكاتبة محتوى. شغوفة بالاطلاع وكتابة المحتوى الطبي، هدفي تبسيط المعلومات الطبية، وأن تصل المعلومات بشكل غير معقد لمن يريد المعرفة. وأسعى إلى ترك أثرًا طيبًا وعلمًا يُنتفع به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى