الصحة العامة

تجربتي مع التهاب الحوض المزمن | الأعراض والأسباب والعلاج

هل تعاني ألمًا شديدًا أسفل البطن مصحوبًا بصعوبة التبول أو ألمٍ في أثناء الجماع؟ ربما تكون مصابًا بالتهاب الحوض المزمن.

سأصطحبك -عزيزي القارئ- في رحلة لمعرفة أسبابه، وكيفية علاجه، وهل يعانيه الرجال والنساء؟ هل التهاب البول يسبب التهاب الحوض المزمن وكذلك هل يمكن الوقاية منه؟ فلنبدأ. 

التهاب الحوض المزمن

تجربتي مع التهاب الحوض المزمن (PID)

يصاحبه ألمًا بين السرة والفخذ (أسفل البطن)، ومجموعة من الأعراض تختلف وفقًا للعضو المصاب؛ لذا ينصح بزيارة الطبيب لمعرفة السبب.

يعانيه الرجال والنساء وينتج عن عدوى تصِيب أحد أعضاء الجهاز البولي، أو التناسلي، أو أعضاء الحوض الأخرى.

هناك أسباب مشتركة بين الرجال والنساء، وأسباب أخرى متعلقة بالجهاز التناسلي لكلٍ منهما، دعنا نبدأ بالتهاب الحوض المزمن الخاص بالنساء.

التهاب الحوض المزمن للنساء

عدوى بكتيرية تنتقل من المهبل إلى الأعضاء التناسلية العلوية بما في ذلك الرحم، وقناتي فالوب، والمبايض، وعنق الرحم.

يعانيه ما يقرب من 5% من النساء في الولايات المتحدة الأمريكية، ويصاحبه تأخر الحمل قد يصل إلى العقم.

تُعد العدوى المنقولة جنسيًا، مثل: السيلان، والكلاميديا -التي تنتقل بالاتصال الجنسي- أكثر الأسباب شيوعًا لإصابة النساء بالتهاب الحوض المزمن.

قد تسببه أنواع أخرى من البكتيريا التي تنتقل في أثناء الحيض، أو بعد الولادة، أو الإجهاض، مثل: المفطورة البشرية، أو المفطورة التناسلية، أو فيروس الهربس البسيط (HSV).

وكذلك الفيروس المضخم للخلايا (CMV)، أو المستدمية النزلية (H. Influenza)، أو الإشريكية القولونية (E. Coli)، أو المكورات المعوية (Enterococcus).

ما عوامل خطر إصابة النساء بالتهاب الحوض المزمن؟

يزداد خطر الإصابة في الحالات الآتية:

  • ممارسة الجماع دون واقي ذكري (Condom).
  • خلال الثلاثة أسابيع الأولى بعد إدخال اللولب الرحمي (IUD).
  • الانتظام على استخدام الغسول المهبلي.
  • ممارسة النساء الأقل من 25 عام للعلاقة الجنسية.
  • تاريخ مرضي سابق بمرض التهاب الحوض أو الأمراض المنقولة جنسيًا.
  • التهاب عنق الرحم وبطانة الرحم المهاجرة.
  • عدوى الرحم بعد الولادة.
  • الاعتداء الجنسي.
  • كحت الرحم بعد الإجهاض.
  • تنظير الرحم.
  • ممارسة الجماع مع شخص متعدد العلاقات الجنسية.

إذا كنتِ تعانين عدوى بكتيرية قبل إدخال اللولب الرحمي فيجب علاجها أولًا، بينما إذا أصبتِ بالعدوى بعد إدخاله فينصح بعلاجها دون إزالته.

لا يُزال اللولب الرحمي إلّا في حالة استمرار الألم مع العلاج.

أعراض التهاب الحوض المزمن عند النساء

هناك حالات لا تعاني أعراضًا، وحالات أخرى تعاني أعراضًا خفيفة إلى متوسطة، وتشمل ما يلي:

  1. ألم أسفل البطن (الأكثر شيوعًا).
  2. ألم خلال التبول.
  3. إجهاد وتعب.
  4. إفرازات مهبلية كثيفة ذات رائحة كريهة.
  5. ألم في أثناء الجماع.

ينصح بالامتناع عن الجماع وزيارة الطبيب إذا عانيتِ أعراضًا شديدة، مثل: 

  1. التقيؤ.
  2. الإغماء.
  3. الحمى الشديدة.
  4. نزيف بالرحم في أثناء الجماع أو بعده.
  5. نزيف الرحم بين دورات الحيض.

كيفية وقاية النساء من التهاب الحوض المزمن

لا يمكن الوقاية منه تمامًا، لكن يمكنكِ تقليل خطر الإصابة باتباع الآتي:

  • الفحص الدوري للأمراض المنقولة جنسيًا.
  • استخدام واقي ذكري في أثناء الجماع.
  • التجفيف بالمناديل الورقية من الأمام إلى الخلف؛ منعًا لانتقال البكتيريا من الإحليل (مجرى البول) أو الشرج إلى المهبل.
  • عدم استخدام الغسول المهبلي إلا للضرورة.
  • استخدام واقي ذكري حتى في أثناء تناول أقراص منع الحمل الفموية.

هل التهاب الحوض المزمن لدى النساء خطير؟

قد يعرضِكِ التأخر في العلاج إلى مشكلاتٍ خطيرة، وتشمل ما يلي:

  • الحمل خارج الرحم (Ectopic Pregnancy).
  • العقم وعدم القدرة على الإنجاب.
  • تندب أحد قناتي فالوب أو كلاهما، وكذلك أعضاء الحوض الأخرى قد ينتهي بتلف العضو المصاب.
  • انتشار العدوى إلى الدم قد تؤدي إلى الوفاة إذا لم تعالَج.
  • الخراج البوقي المبيضي (Tubo-Ovarian Abcess): يتسبب في العقم قد يصل إلى الوفاة إذا لم يعالَج.

التهاب الحوض المزمن عند الرجال

التهاب الحوض المزمن عند الرجال

يعاني أكثر من 15% من الذكور بالولايات المتحدة الأمريكية التهاب الحوض المزمن سنويًا، إليك الأسباب المتعلقة بالجهاز التناسلي عند الرجال، وتشمل ما يلي:

أولًا: العدوى المنقولة جنسيًا (STI)

تعد العدوى المنقولة جنسيًا، مثل: السيلان، والكلاميديا السبب الأكثر شيوعًا في إصابة الرجال بالتهاب الحوض المزمن.

أقرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن معدل إصابة الذكور سنويًا بعدوى الكلاميديا في الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى 2.8 مليون حالة.

والسيلان ما يقرب من 820000 حالة، ويصاحِب العدوى مجموعة من الأعراض، وتشمل ما يلي:

  1. التهاب مجرى البول.
  2. نزول إفرازات من القضيب (Penis).
  3. ألم بالمستقيم أو الشرج عند وصول العدوى لأيٍ منهما.
  4. ألم بالحوض يَصعُب علاجه، في حالة تسبب العدوى في ورم حبيبي ليمفاوي (Lymphogranuloma Venereum).

ثانيًا: التهاب البروستاتا (Prostatitis)

البروستاتا غدة تناسلية صغيرة تفرز السائل المنوي الذي تسبح فيه الحيوانات المنوية.

يعد التهاب البروستاتا ثاني أكثر الأسباب شيوعًا وتسببًا في التهاب الحوض المزمن عند الرجال بعد الأمراض المنقولة جنسيًا.

هناك أنواع مختلفة لالتهاب البروستاتا وفقًا للمسبب كالآتي:

التهاب البروستاتا غير البكتيري

يستمر مدة طويلة، يتسبب في التهاب الحوض المزمن، ويمكن تخفيف الأعراض بالراحة وتناول بعض الأدوية التي يصفها الطبيب، دون المضادات الحيوية لأن السبب ليس عدوى بكتيرية.

التهاب البروستاتا الجرثومي الحاد

التهاب ينتج عن انتقال عدوى بكتيرية من خلال مجرى البول إلى البروستاتا، يصحبه ألمًا بالحوض أو الفخذ مع مجموعة من الأعراض، مثل:

  • عدم الراحة في القضيب والخصيتين.
  • حمى وقشعريرة.
  • غثيان أو قيء.
  • حرقان في أثناء التبول.
  • انسداد مجرى البول. 
  • ألم في أثناء القذف.

ينصَح بزيارة الطبيب، إذا عانيتَ عرضًا أو أكثر من الأعراض السابقة، لأن العلاج المبكر يقي المخاطر التي قد تصل إلى العقم.

التهاب البروستاتا الجرثومي المزمن

ينتج عن عدوى البروستاتا المتكررة، تتشابه أعراضه مع التهاب البروستاتا الجرثومي الحاد، إلّا أنها أقل حدة.

يصف الطبيب حاصرات ألفا (تامسولين) إذا كان المريض يعاني صعوبة التبول، لأنها تساعد على استرخاء المثانة والعضلات المجاورة، ليسهل إخراج البول.

تعالَج إما بجرعة منخفضة من المضادات الحيوية، أو مجموعة من المضادات الحيوية مدة طويلة وفقًا للحالة.

يلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي في حالة عدم الاستجابة للعلاج.

التهاب البروستاتا دون أعراض

التهاب لا يصاحبه أعراضًا؛ لذا يلزم فحص الدم، لمعرفة نسبة كرات الدم البيضاء فإن كانت مرتفعة أكدت وجود التهاب.

ورم البروستاتا الحميد (BPH)

تضخم غير سرطاني للبروستاتا، يضغط على مجرى البول مسببًا صعوبة التبول وألمًا بالحوض، مع ضعف عضلات المثانة.

يزداد خطر الإصابة مع التقدم في العمر بداية من عمر 50 عام، ويتطلب علاجه تغيير نمط الحياة مع تناول بعض الأدوية.

يلزم التدخل الجراحي في حالة عدم تحسن الحالة.

ما الأسباب المشتركة بين الرجال والنساء لالتهاب الحوض المزمن؟

تتعدد الأسباب المشتركة بين الرجال والنساء، وتشمل الآتي:

أولًا: التهاب المسالك البولية (UTI)

التهاب ناتج عن عدوى بكتيرية تصيب مجرى البول، أو المثانة، أو الكلى، أو الحالب.

يعاني المريض ألمًا أسفل البطن يمتد أحيانًا إلى الجانبين أو أسفل الظهر، مصحوبًا بعرضٍ أو أكثر من الأعراض الآتية:

  1. تغير لون البول أو رائحته.
  2. حمى أو قشعريرة.
  3. حرقان في أثناء التبول.
  4. الرغبة المستمرة في التبول (زيادة معدل التبول).

ثانيًا: متلازمة القولون العصبي (IBS)

يعاني المريض عرضًا أو أكثر من الأعراض الآتية، وتختفي بانتظام حركة الأمعاء:

  1. مخاط في البراز.
  2. إسهال أو إمساك.
  3. تقلصات شديدة.
  4. انتفاخ.

ثالثًا: حصوات المسالك البولية

عندما يَصعُب التخلص من الأملاح والمعادن تتراكم في البول؛ فتتجمع مع بعضها البعض فتتبلور وتنتهي بتكوين حصوات.

الحصوات نفسها ليست مؤلمة، ولكنها عندما تنحصر في الحالب تسبب ألمًا شديدًا مع صعوبة التبول وظهور دم في البول.

يصف الطبيب في البداية المسكنات والأدوية التي تساعد على تفتيت الحصوات؛ حتى يسهل مرورها مع البول.

ثم يلجأ إلى الجراحة لإزالة الحصوات الكبيرة في حالة عدم الاستجابة للعلاج. 

رابعًا: التهاب المثانة (Cystitis)

قد تتسبب عدوى مجرى البول البكتيرية في التهاب المثانة، فيعاني المريض ألمًا مصحوبًا بمجموعة من الأعراض وتشمل ما يلي:

  1. تغير لون البول ورائحته.
  2. حرقان في أثناء التبول.
  3. صعوبة التبول.
  4. دم في البول.

خامسًا: التهاب الزائدة الدودية (Appendicitis)

الزائدة الدودية هي عضو صغير بالجانب الأيمن من الجسم، يعاني المريض ألمًا بالحوض عند التهابها، وقد يصاحبه عرضًا أو أكثر مما يلي:

  1. غثيان أو قيء.
  2. فقدان الشهية.
  3. حمى.
  4. تورم أسفل البطن.

يلزم التدخل الجراحي، إذا كان الألم شديدًا ومصحوبًا بأيٍ من الأعراض السابق ذكرها.

سادسًا: ضيق مجرى البول (Urethral Stricture)

يعاني المريض ألمًا أسفل البطن مصحوبًا بمجموعة من الأعراض، عندما يضيق مجرى البول فيَصعُب التخلص منه، وتشمل:

  • فقدان السيطرة على المثانة.
  • خروج دم أو بول مع السائل المنوي.
  • ألم في أثناء التبول.

يتطلب العلاج بالتدخل الجراحي لتوسيع مجرى البول.

سابعًا: الفتق (Hernia)

بروز قطعة صغيرة من الأمعاء أو الأنسجة من خلال نقطة ضعيفة بالعضلات، لا يعاني المريض ألمًا إلا عند حدوث مضاعفات، مثل: اختناق الفتق أو انسداد معوي.

يزداد الألم سوءًا عند رفع الأشياء الثقيلة أو الضحك أو العطس، ويزداد خطر الإصابة مع التقدم في العمر.

العلاج الوحيد له هو التدخل الجراحي تجنبًا لحدوث مضاعفات.

علاج التهاب الحوض المزمن

ينصَح بعلاج كلا الزوجين في حالة التأكد من إصابة أيٍ منهما، للحد من انتشار العدوى وتكرارها، وكذلك الامتناع عن الجماع طيلة مدة العلاج لحين تحسن الأعراض.

يتضمن العلاج القضاء على العدوى البكتيرية المسببة في الالتهاب، فيصف الطبيب أكثر من مضاد حيوي لعلاج التهاب الحوض، ليغطي مجموعة كبيرة من البكتيريا خاصةً في حالة عدم التأكد من نوعها.

الخطة العلاجية الأولى

  • دواء سفتریاکسون 250 ملليجرام (Ceftriaxone 250 mg): جرعة واحدة فقط بالعضل.
  • ثم دواء دوكسيسيكلين 100 ملليجرام (Doxycycline 100 mg): قرص مرتان يوميًا بالفم مدة 14 يومًا.
  • مع أو دون دواء ميترونيدازول 500 ملليجرام (Metronidazole 500 mg): قرص مرتان يوميًا بالفم مدة 14 يومًا.

الخطَة العلاجية الثانية

  • دواء سيفركستين 2 جرام (Cefoxitin 2 gm): حقنة بالعضل جرعة واحدة فقط، إضافة إلى بروبينيسيد 1 جرام (Probenecid 1 gm) قرص جرعة واحدة بالفم.
  • ثم دواء دوكسيسيكلين 100 ملليجرام (Doxycycline 100 mg): قرص بالفم مرتين يوميًا مدة 14 يومًا.
  • مع أو دون دواء ميترونيدازول 500 ملليجرام (Metronidazole 500 mg): قرص مرتان يوميًا بالفم مدة 14 يومًا.

الخطة العلاجية الثالثة

  • أدوية الجيل الثالث من السيفالوسبورين، مثل: دواء سيفوتاكسيم (Cefotaxime): حقنة بالعضل جرعة واحدة فقط.
  • ثم دواء دوكسيسيكلين 100 ملليجرام (Doxycycline 100 mg): قرص بالفم مرتين يوميًا مدة 14 يومًا.
  • مع أو دون دواء ميترونيدازول 500 ملليجرام (Metronidazole 500 mg): قرص مرتان يوميًا بالفم مدة 14 يومًا.

ينصَح العلاج بالمستشفي إذا كنتِ حاملًا، وكذلك في حالة انفجار خراج الحوض أو عدم استجابته للعلاج لأنه يلزم التدخل الجراحي.

يجب كذلك عدم التوقف عن العلاج حتى إذا شعرت بتحسن بعد أيامٍ قليلة من بدء العلاج، لكن تَناوَل الكورس كاملًا، لتجنب تكرار العدوى.

تشخيص التهاب الحوض المزمن

يبدأ الطبيب ببعض الأسئلة لمعرفة التاريخ المرضي والطبي للأمراض المنقولة جنسيًا، ووسيلة تحديد النسل، وكذلك الأعراض ومدتها.

ثم يتجه إلى الفحص البدني لمعرفة مكان الألم، وقد يلجأ إلى بعض الفحوصات لدقة التشخيص، مثل: الفحوصات المعملية، والتصويرية.

أولًا: الفحوصات المعملية

تتعدد الفحوصات المعملية، ومنها:

  • اختبار البول، للتأكد من وجود عدوى أم لا.
  • قياس معدل سرعة الترسيب (ESR)، و مستوى البروتين التفاعلي (CRP)، وكرات الدم البيضاء (WBC).
  • أخذ مسحة من المهبل، أو عنق الرحم، للتأكد من وجود عدوى ومعرفة نوعها إن وجدت.
  • أخذ خزعة من المهبل، أو عنق الرحم، أو بطانته عند الشك في وجود آفة سرطانية.

ثانيًا: الفحوصات التصويرية

تتعدد الفحوصات التصويرية، وتشمل ما يلي:

  • الموجات فوق الصوتية (US).
  • أشعة الرنين المغناطيسي (MRI).
  • الأشعة المقطعية المحوسبة (CT).
  • التنظير البطني (Laparoscopy): يفتح الطبيب شقًا صغيرًا بالبطن، ثم يدخِل أنبوبًا مرنًا مزودًا بكاميرا، للحصول على صورة أكثر وضوحًا لأعضاء الحوض على شاشة.

ختامًا، قد تكون مصابًا بمرض التهاب الحوض المزمن ذكرًا كنت أو أنثى، عند شعورك بألمٍ شديد ومستمر أسفل البطن.

لذا ينصح بزيارة الطبيب، لأن العلاج المبكر يقيك مخاطر قد تصل إلى العقم أو الوفاة.

المصدر
cdc.govmedicalnewstoday.commayoclinic.orgemedicine.medscape.comhealthline.com

د. سارة كامل

صيدلانية وكاتبة محتوى طبي. هدفي هو نشر الثقافة الطبية بين الشعوب العربية، من خلال توصيل المعلومات الطبية باللغة العربية بطريقة مبسطة دون تعقيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى