الصحة النفسية

أعراض الأمراض السيكوسوماتية | عندما يؤازر الجسد النفس المنهكة!

قد تعصف بك الأمراض السيكوسوماتية نتيجة إصابتك بالقلق والضغط النفسي، وتجعلك تشعر وكأن جسدك يحترق.

مما لا شك فيه أن الحزن لا يأتي إلا بالمرض؛ فهو ينهك الروح ويهلك الجسد ويرهق العقل ويبدد العمر. 

سأصطحبك -عزيزي القارئ- في هذا المقال لمعرفة مزيد عن معنى الأمراض السيكوسوماتية، وأسبابها، وأعراض الإصابة، وكيفية علاجها.

الأمراض السيكوسوماتية

ما هي الأمراض السيكوسوماتية؟

تُعرف بأنها أمراض عضوية ذات جذور نفسية؛ إذ يعاني المريض أعراضًا نفسية تتحول فيما بعد إلى مرض عضوي.

تحدث الأمراض العضوية ذات المنشأ النفسي نتيجة الإصابة باضطرابات عاطفية أو عقلية، أو نتيجة التعرض للإجهاد النفسي والضغوطات العصبية.

بالرغم أنه من الطبيعي أن نمر بحالات من الضغط النفسي، والعقلي والجسدي، لكن بعض الأشخاص يمرون بهذه الحالات كثيرًا عن الحد المعتاد أو فترة زمنية طويلة؛ يصابون بالألم العضوي، وخلل وظائف الجسم الحيوية. 

أسباب الأمراض السيكوسوماتية

فيما يلي بيان لأهم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض السيكوسوماتية:

  • الضغوطات النفسية التي تفوق تحمل الشخص وطاقته.
  • عدم القدرة على التكيف مع ظروف الحياة المختلفة.
  • افتقار الشخص للمرونة، التي تساعده على مواجهة تحديات الحياة، وتحمل القلق والضغط العصبي.
  • التعرض لبعض التجارب المريرة السلبية.
  • قلة الوعي.
  • مواجهة بعض الصدمات النفسية في أثناء الطفولة، مثل: الضرب والإهانة، أو التحرش الجنسي.
  • وجود بعض العوامل الوراثية، مثل زيادة الحساسية للإصابة بالألم أو المرض.
  • معاناة الشخص الصراعات الداخلية، التي تولد الاضطرابات النفسية.

أعراض الأمراض السيكوسوماتية

تتفاوت شدة أعراض الأمراض النفسية الجسدية؛ فليس بالضرورة أن تظهر بنفس الحدة على المصابين، وقد تظهر عدة أعراض، أو يظهر عرض واحد يعانيه المصاب.

ومن أبرز أعراض الاضطرابات السيكوسوماتية:

  • تغير سلوك المصاب، وعدم استقراره النفسي.
  • خلل وظائف الجسم تبعًا لحالة الشخص النفسية السيئة.
  • التعرض لنوبات اكتئاب.
  • اضطراب الحالة المزاجية.
  • الإصابة بالتشويش الذهني.
  • عدم القدرة على التركيز.
  • الشعور بالتعب والإرهاق باستمرار.
  • عدم جدوى الأدوية في علاج الأعراض التي يعانيها المصاب.
أعراض الأمراض السيكوسوماتية

أنواع الأمراض السيكوسوماتية

تسبب الاضطرابات النفسية خللًا في المواد الكيميائية داخل جسم الإنسان، ومن ثمَّ تبدأ الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي في الظهور.

فيما يلي بيان لأهم الأمراض السيكوسوماتية:

1. ارتفاع ضغط الدم

تحدث الإصابة نتيجة التعرض لنوبات غضب شديدة، مع التعود على كبت المشاعر وعدم التعبير عنها سواء لفظيًا أو فعليًا.

لذا يؤدي ذلك إلى تولد صراعات نفسية داخلية، وإجهاد الجهاز العصبي؛ وبذلك يصاب الشخص بارتفاع ضغط الدم.

2. الصداع النصفي

يتميز الصداع النصفي ذات الجذور النفسية بأنه لا يستجيب لأي مسكن دوائي، ويصبح المريض شديد الحساسية تجاه الأضواء الساطعة والأصوات الصاخبة.

حبث تستمر نوبات الصداع النصفي على مدار اليوم دون انقطاع، لذا يصبح المصاب شديد الانفعال، ويصاب بانهيار عصبي، ويبكي هستيريًا.

3. تساقط الشعر

يسبب التوتر والضغط النفسي اضطراب هرمونات الجسم؛ لذا يؤدي إلى تساقط الشعر خاصة بين المراهقين.

4. السرطان

يسبب الضغط العصبي اضطراب وظائف الجسم، واتباع بعض العادات الصحية الخاطئة، مثل: التدخين وشرب الكحول. 

كما تشير بعض الدراسات أن هناك صلة بين العوامل النفسية السلبية، وزيادة احتمالية الإصابة بداء السرطان.

5. السمنة

عندما يقع الشخص فريسة للضغط العصبي؛ يجد صعوبة في تناول الطعام الصحي، لذلك يلجأ إلى تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، لتلبية احتياجاته العاطفية، وهذا ما يعرف بالأكل الانفعالي.

حيث تعد الاضطرابات النفسية والعصبية من أبرز أسباب السمنة، فعند تعرض الشخص لحالة نفسية سيئة ينغمس في الطعام لقلة حيلته، ولامتلاكه شخصية ضعيفة لا تستطيع التحكم في انفعالاتها والسيطرة عليها. 

6. قرحة المعدة

يزيد القلق المزمن والضغوط النفسية احتمالية الإصابة بقرحة المعدة، وتتفاقم المشكلة في حال لجوء المصاب إلى التدخين أو المشروبات الكحولية، للهروب مما يعانيه.

7. القولون العصبي

توجد علاقة وطيدة بين الاضطرابات النفسية وتهيج القولون؛ إذ يعاني المريض تغير حركة الأمعاء، واضطراب عملية الهضم والإخراج.

لذا تعد أعراض التهاب القولون العصبي من الاضطرابات السيكوسوماتية للجهاز الهضمي.

8. داء السكري

يعد من أكثر الأمراض السيكوسوماتية شيوعًا، خاصةً لدى المرضى ذوي الاستعداد الوراثي للإصابة، كما يؤدي القلق المزمن والحالة النفسية السيئة إلى حدوث خلل في إفراز هرمون الإنسولين في الدم. 

قد يكون داء السكري عرضًا مؤقتًا ينتهي بانتهاء الضغوطات النفسية وعودة المريض إلى حياته الطبيعية، وقد يلازم المصاب طوال حياته.

الأمراض السيكوسوماتية وعلاقتها بالتفكير السلبي

توجد علاقة وثيقة بين الأمراض السيكوسوماتية والأفكار السلبية، التي تصول وتجول دائمًا في خاطر المريض.

كما يعد التفكير السلبي وتهويل الأعراض التي يعانيها المصاب، من أكثر الأمور المزعجة التي تواجهه؛ إذ تعيقه عن ممارسة حياته طبيعيًا، وترهقه جسديًا وفكريًا. 

ومن أبرز الأفكار والمشاعر السلبية التي تراوده:

  • القلق المستمر.
  • فحص الجسد مرات عديدة في اليوم.
  • تفخيم ردود أفعال الجسم الطبيعية، واعتقاد أنها علامة لمرض خطير.
  • الحرص الشديد في أثناء الحركة أو التعامل مع الآخرين.
  • زيارة الطبيب كثيرًا دون الحاجة.
  • الخوف من الأعراض الجانبية للأدوية دون داعٍ.

تشخيص الأمراض السيكوسوماتية

تشخيص الأمراض السيكوسوماتية

يستطيع الطبيب تشخيص الاضطرابات السيكوسوماتية من خلال الآتي:

  1. الفحص الشامل للمريض، ومعرفة التاريخ المرضي وتطوره. 
  2. ملاحظة العلامات والأعراض التي تدل على وجود اضطراب نفسي جسدي.
  3. إجراء بعض التحاليل الطبية.
  4. الاستعانة بالدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، لأنه يحتوي على بعض المعلومات التي تساعد على توجيه التشخيص إلى المسار الصحيح.
  5. استخدام مقياس الأمراض السيكوسوماتية، للكشف عن الاضطرابات العضوية الناجمة عن أسباب انفعالية، وهو مجموعة من الأسئلة والمواقف يستدل منها على الاضطرابات السيكوسوماتية.

علاج الأمراض السيكوسوماتية

يبدأ الطبيب في المضي قدمًا نحو العلاج على الفور، بعد الوصول إلى التشخيص السليم لحالة المريض، وتنقسم الخطة العلاجية إلى الآتي:

1. العلاج الدوائي

يصف الطبيب بعض الأدوية لعلاج الاضطرابات العضوية النفسية، التي تهدف إلى تحسين الحالة النفسية، والشفاء من المرض العضوي الناجم عن الاضطراب النفسي.

قد يوصي أيضًا بتناول مضادات الاكتئاب، التي تساعد على تدارك الأعراض المصاحبة وتحسين الحالة المزاجية.

كما يجب التنويه إلى ضرورة علاج المرض العضوي ذاته وعدم إهماله، لأنه مرض حقيقي يستدعي أخذ الحيطة.

2. العلاج النفسي

تحدث الأمراض السيكوسوماتية نتيجة وجود خلل نفسي انفعالي، لذا يعد العلاج النفسي أهم خطوات علاج الاضطرابات السيكوسوماتية.

حيث يساعد العلاج النفسي المصاب على معالجة الأسباب التي أدت إلى معاناته، وتعِينَه على حل صراعاته الداخلية، وإزالة حاجز القلق وتحسين حالته النفسية والمزاجية.

3. تغيير نمط الحياة اليومية

سأسدي إليك -عزيزي- عدة نصائح تساعدك على السيطرة على الاضطرابات النفسية وكبح جماحها، وتخفيف الضغوط البيئية والاجتماعية، على سبيل المثال:

  • الإقلاع عن التدخين وشرب الكحول.
  • ممارسة التمارين الرياضية، خاصةً تمارين اليوجا والتأمل وتمارين اليقظة الذهنية.
  • تجنب العادات الغذائية الخاطئة.
  • تجنب الوحدة، وإحاطة نفسك بالأشخاص الإيجابيين، الذين يهتمون لأمرك ويتفهمون مشاعرك وقلقك.
  • تعلم ضبط النفس والتحكم في الأفكار والعواطف.

وختامًا…

مما لا شك فيه أن الجسد والنفس متلازمان ويكملان بعضهما البعض، لذلك أوصيك -عزيزي- بالتغلب على قلقك والسيطرة على انفعالاتك، كي لا تقع فريسة بين مخالب الأمراض السيكوسوماتية.

أعلم أن الحزن والقلق شعوران طبيعيان، وليس من الضروري كبحهما، ولكن احرص على جعلهما مشاعر عابرة، كي لا تؤثر في صحتك النفسية والجسدية. 

تذكر الحياة قصيرة فلا تضيعها؛ فأنت تستحق أن تعيش بروح سعيدة، وجسد سليم. 

المصدر
verywellmind.commayoclinic.orgnews-medical.netpatient.infoclevelandclinic.org

د. سارة حسن

طبيبة بيطرية ومترجمة وكاتبة محتوى. شغوفة بالاطلاع وكتابة المحتوى الطبي، هدفي تبسيط المعلومات الطبية، وأن تصل المعلومات بشكل غير معقد لمن يريد المعرفة. وأسعى إلى ترك أثرًا طيبًا وعلمًا يُنتفع به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى