بقلم د. نعمة نبيل شعراوي
أعراض التوحد عند الأطفال باتت تُثير قلق الأمهات الجدد، لدي صديقة تعاني وسواس مرض التوحد، تراقب دائما طفلها عن كثب لكي تتأكد من عدم إصابته به، تفسر أي علامة بسيطة أو حركة بالصدفة إلا وسواس من أن طفلها مريض توحد، تعيش في هلع دائم وقلق غير مبرر، هل طفلي مريض توحد أم لا؟
لكي يطمئن قلب كل أم على طفلها، في هذا المقال سنتناول أعراض التوحد عند الأطفال، و كل ما يخص هذا المرض.
ما هو مرض التوحد؟
يعرف أيضًا اضطرابات طيف التوحد، وهو مرض معقد يؤثر على قدرات التواصل، والقدرات الاجتماعية والأخلاقية لدى الطفل.
يمكن أن تشمل الأعراض التركيز الشديد على عنصر واحد أو عدم الاستجابة، أو عدم فهم الإشارات الاجتماعية (مثل نبرة الصوت أو لغة الجسد)، أو السلوك المؤذي للنفس مثل ضرب الرأس.
وتظهر أعراض التوحد عند الأطفال منذ الصغر، وتختلف شدة الأعراض بشكل كبير بين الأطفال المصابين.
هناك اختلافات وفروقات كبيرة بين المصابين به، فمنهم النابغة على الرغم أن تواصله الاجتماعي سيئ، ومنهم ذوي احتياجات خاصة، ويحتاجون لمساعدة كبيرة.
بدأت أعداد المصابين بمرض التوحد تزداد، وذلك ليس بسبب زيادة انتشار المرض، بل لأن أساليب التشخيص تطورت لكشف ورفع الستار عن المرض.
أعراض التوحد عند الأطفال
تشمل أعراض التوحد عند الأطفال الصغار الآتي:
- عدم الانتباه عند مناداتهم.
- لا يتواصلون بصريًا بشكل سليم ومكتمل.
- لا يبادلونك الابتسامة إذا ابتسمت لهم.
- ينزعجون ويغضبون إذا تعرضوا لأكل أو رائحة أو صوت لا يحبونه.
- يظهرون حركات متكررة مثل رفرفة أيديهم أو هز أجسادهم.
- لا يتحدثون كثيرًا.
- يكررون نفس العبارات.
أما عن أعراض التوحد عند الأطفال الأكبر سنًا فهي كالآتي:
- لا يفهمون مشاعر وأفكار الآخرين.
- لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم.
- ينزعجون لأي تغيير في روتينهم اليومي، فهم روتينيون جدا.
- يهتمون ويتعلقون ببعض الأنشطة أو الأشياء.
- يتذمرون إذا طُلب منهم القيام بأي مهام.
- يجدون صعوبة في تكوين صداقات أو يفضلون البقاء بمفردهم.
- يفهمون الكلمات بمعناها الحرفي ليس ما ورائه، مثل “قشطة أو كبر أو نفض”.
أعراض التوحد عند الأطفال البنات والأولاد
تختلف أحيانًا أعراضه بين الأولاد والبنات.
قد تظهر البنات تواصل اجتماعي أفضل، ويبدون أهدى، ولا يستطعن التعبير عن مشاعرهن أكتر.
لذلك يصعب تشخيص مرض التوحد عند البنات أحيانًا.
علاج التوحد عند الأطفال
لم يتوصل العلم حتى الآن لعلاج له، ولكن هناك أساليب وطرق لتحسين أعراض التوحد عند الأطفال.
يؤثر التوحد على كل طفل بشكل مختلف، لذلك تجد طرق العلاج متعددة التخصصات، وتستهدف الاحتياجات الفردية لدى كل طفل.
وتعتمد طرق العلاج على العمر والتحديات وقوتها والاختلافات، وهي كالآتي:
مناهج التواصل والسلوك
تعرف تلك المناهج -وفقًا الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والمجلس الوطني للبحوث- أنها تساعد على توجيه وتنظيم الطفل مع المشاركة الأسرية
- تحليل السلوك التطبيقي.
هو علاج سلوكي، يعتمد على تحسين السلوكيات الخاصة، مثل المهارات الاجتماعية والتواصل والقراءة ومهارات التعلم.، مما يقلل الاعتماد على الآخرين.
يلاحظ سلوكيات الطفل وكيف تؤثر عليه البيئة المحيطة؟ وكيفية التعلم؟
وينقسم إلى أنواع مختلفة منها الآتي:
- التدريب التجريبي المنفصل
يعد من أقدم التدخلات التي تساعد في تحسين أعراض التوحد عند الأطفال.
تقسم تلك التقنية المهارات إلى مهارات صغيرة منفصلة، ويُدرب الطفل على تلك المهارات على حدة، ويكافئ المدرب الطفل على السلوك الجيد، عن طريق إعطاءه هدايا مثل ألعاب أو حلوى.
على سبيل المثال، عند تعليم الطفل الألوان، يبدأ المدرب بتعليمه أولًا اللون الأحمر، ويجعل الطفل يتعرف عليه ويكافئه إذا تعرف عليه، ويتجاهل الجواب الخطأ، ثم بعد ذلك يعلمه اللون الأصفر، ويعزز تلك المهارة، وبعد ذلك يسأله في اللونين، وهكذا حتى يتعلم كل الألوان.
- التدخل السلوكي المبكر المكثف
هو علاج عن طريق اللعب، يستخدم للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 48 شهرًا، يستخدمه المعالجين والآباء لبناء علاقات إيجابية ممتعة مع أطفالهم، وأيضًا لتشجيع التفاعل والتواصل، عن طريق اللعب والأنشطة المشتركة.
ويشجع الطفل على تقوية المهارات اللغوية والاجتماعية والمعرفية، وذلك في أثناء اللعب الطبيعي والأنشطة اليومية.
تعد مشاركة الوالدين جزءًا أساسيًا في هذا البرنامج.
- تدريب الاستجابة المحورية
هو علاج سلوكي، يهدف إلى زيادة رغبة الطفل في التعلم، ومراقبة سلوكه، وأيضًا بدء التواصل مع الآخرين.
- التدخل السلوكي اللفظي
يركز على تعليم المهارات اللفظية.
التكنولوجيا المساعدة
تساعد الأطفال على التواصل والتفاعل، من خلال لوحات الأتصال والأجهزة، وتستخدم نظام التواصل عن طريق تبادل الصور، يعلم الطفل استخدام الصور لطرح الأسئلة والإجابة عليها وإجراء محادثة.
علاقة الفروق الفردية النمائية “floortime”
يركز على تطور العاطفة والعلاقات الاجتماعية، كما يركز أيضًا على كيفية تعامل الطفل مع المشاهد والأصوات والروائح.
برنامج علاج وتعليم الأطفال المصابين بالتوحد وإعاقات التواصل المشابهة له “TEACCH”
يقوم على فكرة أن الأطفال المصابون بالتوحد متعلمون بصريون. لذلك يستخدم الإشارات البصرية لتعليم المهارات.
وتساعد بطاقات الصور في تعليم الطفل كيفية ارتداء الملابس، عن طريق تقسيم المعلومات إلى خطوات صغيرة بالصور.
العلاج الوظيفي
يساعد الطفل لكي يتعلم المهارات، التي يحتاجها لكي يصبح مستقلًا، ولا يعتمد على الآخرين، مثل: التواصل مع الناس وارتداء الملابس وتناول الطعام.
التدريب على المهارات الاجتماعية
يدرب ويعلم الأطفال طرق التفاعل الاجتماعي، مثل: حل المشكلات ومحادثة الآخرين.
علاج النطق
يحسن مهارات التواصل اللفظية عند بعض الأطفال.
العلاج البديل
واختلف العلماء عن دوره في تخفيف أعراض التوحد عند الأطفال، وهي كالآتي:
- جرعة عالية من الفيتامينات.
- العلاج بالاستخلاب، الذي يتضمن طرد المعادن الثقيلة من الجسم.
- العلاج بالأكسجين عالي الضغط.
- استخدام الميلاتونين لمعالجة مشاكل النوم.
حذر العلماء من استخدام العلاجات البديلة، لما تشكله من خطر، ويجب التوازن في استخدامها والتأكد من فاعليتها قبل اللجوء لها.
أنواع التوحد
يقسم الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية-5 مرض التوحد إلى 5 أنواع فرعية وهم الآتي:
- لا يصاحبه أو يصاحبه إعاقة ذهنية.
- لا يصاحبه أو يصاحبه صعوبة في الكلام.
- سببه عامل وراثي أو طبي أو بيئي معروف.
- مصاحب لاضطراب عصبي أو عقلي أو سلوكي آخر.
- توحد مع كتاتونيا.
يمكن أن يُشخص الطفل بواحد أو أكثر مما سبق.
أسباب التوحد
لم يتوصل الأطباء حتى الآن إلى السبب الحقيقي وراء الإصابة به، ولكن ما أثبتته الأبحاث أنه ليس سببًا واحدًا، بل إنها أسباب عدة.
تتضمن الأسباب التي تزيد من خطورة الإصابة به الآتي:
- عوامل وراثية، مثل أن يكون هناك أحد أفراد العائلة مصاب بالتوحد.
- الطفرات الجينية.
- متلازمة كروموسوم X الهش أو الاضطرابات الوراثية الأخرى.
- إنجاب الطفل من أبوين في عمر متأخر.
- وزن الطفل عند الولادة قليل.
- الاختلالات الأيضية.
- التعرض للمعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص والسموم البيئية.
- تاريخ مرضي بالإصابة بعدوى فيروسية.
- تعرض الجنين لأدوية حمض الفالبرويك (ديباكين) أو الثاليدومايد (ثالوميد).
قد يحدد كلا من الوراثة والبيئة – وفقًا للمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية- إذا كان طفلك مصابًا به أو لا.
أثبتت الأبحاث حديثًا أن اللقاحات لا تسبب التوحد.
ظهرت عام ١٩٩٨ دراسة، تزعم وجود صلة بين التوحد ولقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (الثلاثي) (MMR)، ولكن ظهرت أبحاث أخرى تثبت ادعاء تلك الدراسة، وتراجعوا عنها في ٢٠١٠، لتظل اللقاحات آمنة على الأطفال مجددًا وبالإثباتات.
نظام غذائي لمرضى التوحد
يعاني غالبًا أطفال التوحد العديد من المشكلات المتعلقة بالغذاء مثل الحساسيات وصعوبة البلع والمشكلات الهضمية.
بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن اتباع حمية خاصة قد يحسن من أعراض التوحد عند الأطفال، وتتضمن هذه الحمية الآتي:
- تعتمد على التخلص من الألوان الصناعية والمواد الحافظة والسكريات.
- تركز على الأطعمة الكاملة من الفواكه والخضروات الطازجة والدواجن الخالية من الدهون والسمك وكثير من الماء.
- تتكون من حمية خالية من الجلوتين (بروتين القمح) والكازين (بروتين الحليب).
ينصح قبل البدء بأي حمية، أن تستشير أخصائي تغذية، لكي يصمم لطفلك حمية خصيصًا له ولما يحتاجه جسده وصحته.
إذ بدأت باتباع حمية لطفلك خالية من الجلوتين والكازين، فتعلم كيفية فعل ذلك، لأن هناك مصادر خفية للجلوتين والكازيين.
ينصح بعمل دفتر يوميات فيه قائمة بسمات التوحد لدى طفلك واستخدام رقم بين 1 و10 لترتيب هذه السلوكيات قبل وبعد تغيير النظام الغذائي.
عادةً ما يستغرق تغيير النظام الغذائي لطفلك وقتًا.
لا تتوقع رؤية أي تغييرات بين عشية وضحاها أو حتى في الأسابيع القليلة الأولى من تغيير النظام الغذائي.
وفي النهاية إذا كان طفلك يعاني أعراض التوحد، يُنصح بمتابعة أخصائي تغذية من أجل حمية غذائية خاصة به، وعند اتباع نصائح الطبيب سوف تتحسن أعراض صغيرك، لذا كن له الداعم والسند، فأنت العالم بأكمله في نظره.