الوقاية من مرض شلل الأطفال | كيف تنجو بطفلك منه!
كثيرًا ما نسمع في الآونة الأخيرة عن انتشار مرض شلل الأطفال وظهوره من جديد في العالم الثالث والدول النامية.
يعد من أكثر الأمراض التي تبث الهلع في نفوس الآباء والأمهات، ولذلك تسعى منظمات الصحة لكبح جماحه والقضاء عليه نهائيًا، وذلك عن طريق إطلاق حملة تطعيم ضد شلل الأطفال من حينٍ لآخر.
في هذا المقال سنأخذكم في جولة قصيرة، للتعرف إلى مرض شلل الأطفال، وأعراضه، وكيفية الوقاية.
هل شلل الأطفال مرض وراثي؟
ليس وراثيًا بل هو مرض معدي تسببه الفَيْروسَةِ السِّنْجابِيَّة، التي تهاجم الجهاز العصبي.
يسبب هذا المرض عدة مشكلات منها: حدوث تلف الأعصاب، وصعوبة التنفس، والإصابة بالشلل، وقد تصل الحالة إلى الموت.
بالرغم من الجهود المبذولة من أجل القضاء عليه، إلّا أن الفيروسات المسببة له ما زالت تصيب البالغين والأطفال في بقاع آسيا وإفريقيا.
طريقة انتقال مرض شلل الأطفال
ينتقل الفيروس المسبب عن طريق الطعام أو الشراب الملوثين ببراز المصاب.
يمكن أن ينتقل عن طريق عطاس أو سعال المصابين، ولكن هذا أقل شيوعًا.
يتكاثر الفيروس داخل البلعوم والقناة المعوية، ثم ينتشر في مجرى الدم، ليغزو أنسجة الجهاز العصبي المركزي بما في ذلك الدماغ والحبل الشوكي، ويصيب أيضًا المناطق التي تتحكم في العضلات الإرادية، وخصوصًا المسؤولة عن المشي والحركة.
تكون فترة الحضانة لهذا الفيروس (المدة الزمنية بين وقت التعرض للفيروس إلى ظهور الأعراض) بين 5 إلى 35 يومًا، ولكنها في المتوسط من أسبوع إلى أسبوعين.
أعراض شلل الأطفال
لا يعاني معظم المصابين بهذا الداء ظهور أي أعراض تنم عن إصابتهم بالعدوى، ويعرف هذا النوع بالعدوى المُستتِرة.
يمكن أن تصنف الأعراض تبعًا لما يلي:
أعراض الإصابة بالفيروس غير المُسبب للشلل
يعرف باسم شلل الأطفال المجهض، ولا ينتج عنه الإصابة بالشلل، وتكون أعراضه مشابهة للإصابة بالإنفلونزا، وقد تستمر مدة 10 أيام.
وتشمل هذه الأعراض الآتي:
- القيء.
- صداع شديد.
- إعياء عام وضعف العضلات.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- تيبس وألم في عضلات الساقين، واليدين، والقدمين، والرقبة.
أعراض الإصابة بالفيروس المُسبب لمتلازمة الشلل
يعد هذا النوع الأكثر خطورة؛ إذ يؤدي إلى حدوث شلل في الحبل الشوكي أو في جذع الدماغ أو في كليهما.
تشبه العلامات الأولى لهذا النوع أعراض شلل الأطفال غير الشللي، ثم تتفاقم الأعراض في غضون أسبوع، التي تتضمن الآتي:
- فقدان الاستجابة لردود الأفعال.
- آلام شديدة وضعف العضلات.
- ارتخاء الأطراف.
أعراض متلازمة ما بعد الإصابة بشلل الأطفال
تظهر على الشخص بعض العلامات والأعراض بعد الإصابة بالعدوى بسنوات، وتشمل الآتي:
- اضطرابات التنفس المتعلقة بالنوم، مثل انقطاع التنفس في أثناء النوم.
- عدم القدرة على تحمل درجات الحرارة المنخفضة.
- مشكلات الذاكرة والتركيز.
- ضمور العضلات.
- ضعف العضلات والمفاصل المستمر.
- الشعور بالتعب أو الإرهاق.
- مشكلات البلع.
- الإصابة بالاكتئاب.
علاج شلل الأطفال
لا يوجد علاج محدد، ولكن توجد وسائل رعاية داعمة تخفف حدة الأعراض، ومنها:
- الإكثار من شرب السوائل.
- الراحة التامة في المنزل.
- مسكنات الألم.
- جلسات العلاج الطبيعي والتقويم التصحيحي للمساعدة على المشي.
- الاستعانة بجهاز التنفس الاصطناعي المتنقل، للمساعدة على التنفس بصورة أفضل.
- تناول الأدوية المضادة للتشنجات، للمساعدة على استرخاء العضلات.
الوقاية من مرض شلل الأطفال
يُعد التطعيم أكثر الطرق فعالية للوقاية بنسبة تصل إلى 90%.
يوصى بضرورة الالتزام بجرعات التطعيم ومواعيدها المنصوص عليها من منظمات الصحة الدولية.
يجب أن يأخذ الطفل التطعيم مقسمًا على أربع جرعات في المراحل الآتية:
- الأولى في عمر شهرين.
- الثانية في عمر 4 أشهر.
- الثالثة بين عمر 6 أشهر و 18 شهرًا.
- الجرعة المنشطة بين عمر 4 سنوات و 6 سنوات.
أنواع تطعيمات شلل الأطفال
- تطعيم شلل الأطفال المعطل
يتكون من فيروس شلل الأطفال غير النشط، ويُعد آمنًا وفعالًا، ويُعطى على هيئة جرعات متفرقة، عن طريق الحقن في الساق أو الذراع اعتمادًا على العمر.
يعد هذا اللقاح أكثر أمانًا للأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة.
يُسبب بعض الآثار الجانبية الشائعة، مثل: الشعور بالألم، وحدوث احمرارًا في موضع الحقن.
يُمكن أن يسبب هذا التطعيم رد فعل تحسسيًّا لدى بعض الأشخاص؛ نظرًا لاحتوائه على كميات ضئيلة من المضادات الحيوية الآتية: الستربتوميسين، وبوليميكسين ب ونيوميسين، لذلك ينبغي ألا يُعطى لأي شخص لديه رد فعل تجاه هذه الأدوية.
تحدث علامات رد الفعل التحسسي عادةً خلال فترة تتراوح بين دقائق وعدة ساعات من تلقي الجرعة، ويرجى الانتباه لما يلي:
- زيادة عدد ضربات القلب.
- الشعور بالدوار.
- صعوبة التنفس.
- بحة الصوت.
- الطفح الجلدي.
- التطعيم الفموي
يحتوي هذا النوع على الشكل الضعيف لفيروس شلل الأطفال، ويعد المفضل لدى عديد من البلدان؛ نظرًا لانخفاض تكلفته وسهولة تناوله، والقدرة على توفير مستوى عالٍ من المناعة ضد الفيروس.
موانع تطعيم شلل الأطفال
يحذر استخدام هذا التطعيم في بعض الحالات، نذكر منها ما يلي:
- أصحاب الحساسية الشديدة تجاه المضادات الحيوية الآتية: النيومايسين، والستربتومايسين، والبوليميكسين ب.
- النساء الحوامل.
- المعاناة من رد الفعل التحسسي الشديد لجرعة تطعيم شلل الأطفال السابقة.
هل شلل الأطفال خطير؟
ربما يسبب بعض المضاعفات، مثل:
- شلل العضلات الدائم وتشوهها.
- اضطراب التنفس.
- التهاب المسالك البولية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- تمدد المعدة.
- الإصابة بالتهاب القرنية.
- فشل القلب الرئوي.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
يعد الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر استقطابًا للفيروس، إلّا أنه قد يصيب فئات معينة أخرى، ومنهم:
- بعض الأشخاص الذين يسافرون إلى المناطق الموبوءة، التي يجتاحها هذا الفيروس بشكلٍ كبير.
- الأطباء والعاملين في المجال الطبي والمستشفيات.
- العاملين في المختبرات الطبية، إذ يتعاملون مع عينات المرضى التي قد تحتوي على الفيروس.
- الأشخاص الذين لم يأخذوا تطعيمات شلل الأطفال ويتعاملون مع أطفال لم يتلقوا جرعات التطعيم بعد.
التشخيص
يكشف الفحص السريري عن ردود الفعل غير الطبيعية، ويتبين الطبيب مدى تيبس العضلات، إذ يعاني المريض صعوبة رفع الرأس أو الساقين عند الاستلقاء، وتصلب العنق.
يخضع المصاب لبعض الفحوصات من أجل التأكد من تشخيص الإصابة بالعدوى، والتى نذكر منها ما يلي:
- تحليل الدم
يُجرى بهدف الكشف عن وجود أجسام مضادة للفيروس.
- الزراعة التشخيصية
تؤخذ عينة من البراز أو من إفرازات الحلق، وتزرع في بيئة مخصصة لنمو الفيروسات، ليجرى عزل أكبر عدد ممكن من الفيروس، وتجمع عينتين بفارق 24 ساعة، وخلال 14 يومًا من تاريخ التعرض للفيروس.
يُجرى بهدف قياس الضغط في القناة الشوكية والدماغ، والكشف عن زيادة عدد خلايا الدم البيضاء من خلال الفحص المجهري لعينةٍ من سائل النخاع الشوكي.
وأخيرًا…
أطفالنا هم ذخرنا في الحياة الدنيا، وأغلى ما نملك، وعند إصابتهم بمكروه -لا قدر الله- تضيق علينا الأرض بما رحبت وتتألم روحنا، فمما لا شك فيه أن شلل الأطفال مصابٌ جللٌ، ولكن أصبح الآن من السهل حماية أبنائنا منه والتصدي له، وذلك عن طريق الالتزام بجرعات التطعيم ضده، لتأمين مناعة قوية ضد المرض، واتباع قواعد الصحة العامة.