الحماية الزائدة للأطفال | ميزة أم عيب!
يقع الآباء في فخ الحماية الزائدة للأطفال تحت مسمى الخوف، والحب ينشيء الآباء جيلًا غيرمُبالٍ، وأناني لا يستطيع تحمل مسؤولية أفعاله، وقراراته.
الحب غير المَشروط من الآباء للأبناء يجعل الآباء حريصين كل الحرص على أبنائهم فيحمونهم من أي شيء يسبب لهم الضرر. ولكن ما الذي قد يسبب الضرر للطفل؟ هل اللعب في الحديقة أم مع الأطفال؟
هل تناول الطفل طعامه بمفرده قد يسبب له الضرر؟
فما مظاهر الحماية الزائدة للطفل؟ وكيف يمكن تجنب الوقوع في هذا الفخ؟
هذا ما سنتناوله في هذا المقال.
كيف تكون الحماية الزائدة للأطفال سببًا في إفسادهم؟
تحت مسمى الحب؛ يرسم الآباء روتينًا معينًا للطفل بإجباره على اللعب بطرق محددة ظنًا منهم أن هذه الطرق آمنة.
بل يجبرون الطفل على تناول أطعمة معينة تحت شعار أن هذا الطعام هو المفيد لك، وعدم السماح له باختيار ألعابه أو أصدقائه أو حتى وجبة الغذاء.
مظاهر الحماية الزائدة للطفل
كيف أعرف أنني أحمي طفلي حماية زائدة؟
التدليل الزائد للطفل
كل ما يطلبه الطفل مباح، كل ما يشير إليه بإصبعه يستجاب له؛ فلا يُوجه إذا أخطأ بحجة الخوف على مشاعره أو معاقبته عند سوء السلوك.
لا يستطيع تحمل مسئولية أخطائه، قد يصل الأمر لبعض الآباء بأداء واجبات أطفالهم المنزلية إشفاقًا عليهم من إجهاد عقولهم!
ما أثر التدليل الزائدعلى الطفل ؟
- بهذا الأسلوب ينشأ طفل أناني معتاد على تلبية كل متطلباته؛ فلا يستطيع التعامل مع العالم الخارجي.
- ينشأ الطفل مذبذبًا غير متحمل المسئولية، معتمداً على الآخرين دائمًا، وغير قادر على تحقيق أهدافه بنفسه.
- شخص فارغ غير محدد ماذا يريد فقد اعتاد أن يخطط الأخرون نيابةً عنه ،واتًخاذ قرارات تخصه دون الحاجة لإجهاده في التفكير.
فطامه في عامين
يشير النص القرآني أن فطام الطفل بعد إتمامه عامه الثاني، وينصح الأطباء بالفطام من سن العام ونصف للعامين.
والفطام هنا هو الفطام من الرضاعة الطبيعية، قد تفطمه الرضاعة ولكن لا تفطمه من التشبث بها والتعلق الشديد بها.
الاتصال المفرط بالطفل وإحباط أي محاولة منه للاستقلال بذاته بدافع الخوف عليه؛ يجعله غير قادر على الاعتماد على نفسه، ويرسخ في عقله فكرة إنه غير قادر على تلبية طلباته بنفسه.
إعطاء كثير من الأوامر الصارمة للطفل، ورسم روتين صارم للأكل والنوم؛ غيرمبالٍ برغبات الطفل ومحاولة إشراكه في وضع هذا الروتين؛ فيمنع هذا الطفل من الاستقلال الذاتي، وتنمية مهاراته.
الكذب على الأطفال
يلجأ الآباء إلى الكذب على أطفالهم لحمايتهم من المشاعر السلبية خوفًا على مشاعرهم.
خصوصًا فيما يتعلق بفقدان أحد ألعابه القيمة أو حتى فقدان شخص عزيز لديه، أو شعور الطفل بالخذلان بسبب طفل آخر رفض اللعب معه.
إظهار الآباء رد فعل مبالغ فيه
خصوصًا عند مرض الطفل مرض بسيط أو سقوطه في أثناء اللعب، فيصبح الطفل حساساً تجاه هذه الأمور، ومتوقعاً الطفل رد الفعل المبالغ فيه في كل موقف ليستمد أهميته وإحساسه بالرضا عن نفسه من رد فعل الوالدين.
لماذا يقع الآباء في فخ الحماية الزائدة للأطفال؟
- إذا كان الطفل وحيد أبويه؛ فيكون محط انتباهه، وتركيزه.
- الإنجاب بعد مدة طويلة من الزواج.
- ولد وحيد بين بنات أوالعكس.
- مرض الطفل بمرض مزمن مثل مرض الداء السكري أو أمراض القلب فيجعل الآباء خائفين عليه بصورة مبالغة فيها.
- الجهل بأسلوب التربية الحديثة، وتنشئة طفل قادرًا على تحمل المسئولية.
- الاعتقاد الخاطئ للأمهات بأن يجب تلبية جميع احتياجات أطفالهم، وأن عدم تلبيتها يجعلها أماً مقصرةً في عين طفلها، والمجتمع.
- أحد الوالدين تربوا على أسلوب الحماية الزائدة في طفولتهم، أو تربوا في بيئة قاسية، ومهملة فيحرصون على تربية أولادهم على عكس ما تربوا عليه.
كيف أتجنب الوقوع في فخ الحماية الزائدة للطفل؟
علمي طفلك
- لا يجب عزيزتي الأم أن تكوني مضحية،لا تحرقي كل طاقتك في تدليل أطفالك، وتلبية كل رغباتهم.
فكل ما يحتاجه الأطفال هو العناية والاهتمام والحب، لذلك احرصي على تعليمهم الاستقلال الذاتي ولا تخافي من بُعدهم عنك فدورك هو تهيئتهم للتعايش مع المجتمع الخارجي، وليس حمايتهم منه.
- علمي أطفالك الاعتماد على نفسهم، دربيهم في عمر صغير كيف يأكلون، ويرتدون ملابسهم بنفسهم دون الحاجة للاعتماد على أحد.
- علمي أولادك أن لكل فعل رد فعل، وإذا أخطأ الطفل يجب تحمل مسئولية أخطائه، وقراراته.
فإذا سكب الطفل اللبن علميه أن ينظف ما سكبه، فيعلم أن التنظيف عملية صعبة فيحرص المرة القادمة على عدم سكبه.
- علمي أولادك أن لكِ وقت خاص بك، وأنكِ إنسانة لست رهن إشارتهم.
تصرفات طفلك ومشاعره
- أشركي أولادك في عمل روتين خاص بهم للأكل، والنوم، واللعب، علميهم أن يحترموا الاتفاقات بينكم، ويحترموا هذا الروتين.
- المشاعر السلبية للأطفال وَحش مرعب للأمهات، فلا يوجد أم تحب أن ترى طفلها يبكي بسبب الخذلان أو الحزن الشديد أو أن يشعر بالغضب.
لكن تذكري عزيزتي الأم إن هذه المشاعر سيتعرض لها طفلك عاجلًا أم آجلًا، وليس من مسئوليتك أن يتجنبها طفلك؛ ولكن مسئوليتك تعليمه كيفية التعامل مع هذه المشاعر، وأن يسميها بمسمياتها ويتعامل معها وأن يعبر عن حزنه بالطريقة التي يراها مناسبة.
ينبغي تحفيز الطفل على التعامل بمفرده دون الرجوع إليكِ، وكوني مؤمنة بطفلك، وقدراته على الاستقلالية.
- اتركي طفلك يتعامل بمفرده في وقت اللعب مع الأطفال الآخرين، ولا تتدخلي إلا إذا كان هناك شجار عنيف؛ فالأطفال لديهم القدرة على حل المشكلات قد تدهش الكبار نفسهم.
يتعلم الأطفال أيضًا بهذه الطريقة مهارات العمل الجماعي، وحل المشكلات، وتُعلي روح التعاون بينهم.
- لا تفعلي شيئًا نيابةً عن طفلك؛ إذا كان الطفل قادرًا على ارتداء ملابسه اجعليه يرتديها بمفرده، إذا كان الطفل يستطيع أن يأكل بمفرده أجعليه يأكل بمفرده حتى لو أكل كميات قليلة سيتعود بالتدريج على أن يأكل ما يحتاجه بمفرده.
- احترمي رغبة طفلك؛ ليس كل ما تريدينه يجب أن ينفذه؛ فكثير من الأحيان يكون الطفل محِقًا فأنت تتعاملي مع عقلية متقدمة ومختلفة عنك.
- لا تستحقري أي فعل استقلالي يفعله، ولا تنتقديه إذا أخطأ بل أتيحي فرصة للخطأ ما دام هذا الخطأ غير جسيم، وبسيطاَ.
في النهاية التربية عملية صعبة يتشارك فيها الوالدين، والحماية الزائدة للأطفال لا تفيد. ليس من واجب الآباء حماية أطفالهم من العالم الخارجي، ومحاصرتهم داخل فقاعة حتى لا يتأذوا، بل واجب الآباء تعليم أطفالهم كيفية التعايش مع المجتمع الخارجي، وإرشادهم إذا أخطأوا وتوجيههم للفعل الصحيح، وعدم إفسادهم بحماية زائدة.