الدعم الاجتماعي | لا تقلق هناك من يحبك
الدعم الاجتماعي من العائلة والأصدقاء والأقارب وزملاء العمل، هذا ما يجعلنا ننهض من جديد لنكمل الحياة بعد ما ظننا أنها انتهت.
أتذكر ذلك اليوم جيدًا! منذ عام مضى عندما انقلبت حياتي رأسًا على عقبٍ، واكتشفت مرض أمي وأخبرنا الطبيب بما كنت أتوقعه وأخشاه، وها نحن هنا لنبدأ رحلة العلاج.
لكن نفذ أمر الله ورحلت أمي وتركت لقلوبنا كثيرًا من الحزن والألم، وها أنا في أشد الاحتياج للدعم ممن حولي، لتجاوز هذا الحدث الجليل.
فما الدعم الاجتماعي؟ وما أنواعه؟ ومدى أهميته؟ هذا ما سنتعرف إليه في مقالنا اليوم.
ما هو الدعم الاجتماعي؟
لا تخلو الحياة من الاحتياج إلى الدعم من الآخرين ومساندتهم لنا، للتغلب على ضغوطات الحياة البيولوجية والنفسية والاجتماعية.
يمكن للفرد أن يحصل على الدعم من أي علاقة شخصية له في إطار شبكته الاجتماعية، مثل: أفراد الأسرة، والأصدقاء، والجيران، وزملاء العمل ومقدمي الرعاية ومجموعات الدعم.
قد يأخذ الدعم الاجتماعي أنواعًا مختلفة، مثل: المساعدة العملية على أداء بعض المهام، أو تقديم المشورة أو المال أو تقبل الآخر وغيرها من الأنواع.
أهمية الدعم الاجتماعي
الإنسان اجتماعي بطبعه والعلاقات الاجتماعية تمده بمزيد من الطاقة، بالإضافة إلى الاتصال الوثيق بين الجوانب النفسية والاجتماعية.
لذا تكمن أهمية الدعم الاجتماعي فيما يلي:
- تحسين القدرة على التكيف مع الضغط النفسي.
- تخفيف أعراض الاضطراب العاطفي.
- تقليل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
- تعزيز الصحة النفسية والعقلية الجيدة مدى الحياة.
- تقوية الثقة بالنفس.
- تحسين سلوكيات نمط الحياة الصحية.
- تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
أنواع الدعم الاجتماعي
ذكرنا عديد من أنواع الدعم الاجتماعي، لكن دعنا نتحدث عنها بالتفصيل، وتشمل:
1. الدعم العاطفي
من منا لا يحتاج إلى دعم عاطفي بين الحين والآخر، لتخطي صعوبات الحياة وتحدياتها.
غالبًا ما يظهر الدعم الاجتماعي العاطفي من خلال العائلة والأصدقاء المقربين أو حتى حيواناتك الأليفة.
يكمن الدعم العاطفي في:
- الطمأنينة.
- الرفق والرحمة في التعامل.
- الإيماءات الجسدية، مثل: العناق والتربيت على الظهر.
- التعبيرات اللفظية العاطفية.
في بعض الأحيان، حتى تتمكن من تقديم الدعم العاطفي لبعض الأشخاص يلزمك المبادرة بطرح بعض الأسئلة، مثل:
- كيف يمكنني مساعدتك؟
- يبدو أنك حزين قليلًا اليوم! هل تريد التحدث معي؟
- أعلم أنك تمر بصعوبات، كيف حالك؟
قد تنجح في تقديم الدعم العاطفي بتلك الكلمات البسيطة، لكن يجب عليك أيضًا أن تعطي اهتمامًا كافيًا للشخص عندما يتحدث، وتنصت إليه بكل جوارحك.
فعادةً كل ما يحتاجه الشخص، أن يستمع أحد إلى محنته باهتمام ويشاركه بعض مشاعر الحزن والإحباط والتوتر التي يمر بها.
فهو لا يحتاج منك مساعدة ملموسة أو نصيحة أو حكمة أو تحليل منطقي، بقدر ما يحتاج إلى الدعم العاطفي.
مهما كانت الصور التي يأخذها الدعم العاطفي، فإنه قادر على تغير نظرة الشخص المستقبلية وتحسين صحته النفسية.
2. الدعم الملموس
يشمل الدعم الملموس تحمل مسؤوليات شخص آخر، حتى يتمكن من التعامل مع مشكلاته وإيجاد حلول لها.
أو باتخاذ موقف فعال لمساعدة الشخص على إدارة مشكلة ما يواجهها؛ فمثلًا قد يجلب لك الشخص الذي يقدم دعمًا ملموسًا العشاء عندما تكون مريضًا.
قد يساعدك أيضًا على طرح الحلول ووضع الخطط للتعامل مع المشكلة المطروحة، ليصل بك لبر الأمان.
3. الدعم المعلوماتي
يظهر الدعم المعلوماتي بتقديم المشورة أو النصيحة أو سرد الحكم المعبرة أو جمع وتبادل المعلومات.
التي يمكن أن تساعد الشخص على معرفة الخطوات المحتملة للوصول إلى الحل أو حتى تحسين حالته النفسية.
4. دعم التقدير
يعتمد هذا النوع من الدَعم على إشعال تقدير الذات والثقة بالنفس داخلك؛ إذ يُقدم فيه الدعم الاجتماعي بتعبيرات الثقة والتشجيع.
فمثلًا قد يشير الشخص الذي يقدم لك دعمًا إلى نقاط القوة لديك، ويخبرك أنه يؤمن بك ويثق بقدرتك على تجاوز المحن.
من المهم أن نختار النوع الملائم من الدعم مع الشخص المناسب ووفقًا للموقف، لأن اختيار نوع خاطئ قد يؤدي إلى نتائج سلبية.
مقياس الدعم الاجتماعي
يُدرس مقياس الدعم الاجتماعي الذي يتلقاه الشخص من الآخرين على نطاق واسع، وذلك باعتباره أحد المورد النفسية الأساسية، التي تستخدم في التعامل مع الضغوط النفسية.
مع أن الأدوات المتاحة لمقياس الدعم الاجتماعي كثيرة، إلا أن المرء يستطيع قياسه بنفسه، من خلال:
- إحساسه بوجود المساعدة دائمًا عندما يحتاج لها.
- تقييم المساعدة الفعلية التي يحصل عليها.
- تحديد درجة اندماجه مع الشبكة الاجتماعية المحيطة به.
- مقدار الرضا عن الدعم الذي يحصل عليه من الآخرين.
- التفاعل الاجتماعي الإيجابي.
شروط الدعم الاجتماعي لتلبية احتياجاتك
قد يقدم الأشخاص المختلفون في حياتك أنواعًا مختلفة من الدعم الاجتماعي، لذلك من غير المحتمل أن يتمكن شخص واحد من تقديم كل الدَعم الذي تحتاجه.
على سبيل المثال، قد يكون والدك رائعًا في تقديم النصيحة، ولديك صديق يستطيع أن يقدم حلولًا عملية وتنفيذية لمشكلة ما، بينما صديقك المقرب جيد في تقديم الدعم العاطفي، وهكذا.
غالبا ما يأتي الدعم الأفضل من الأشخاص الأقرب إليك في دائرة الأمان الخاصة بك، إذ يعد تلقي الدعم من الأشخاص المقربين أكثر فائدة لصحتك النفسية والعاطفية والجسدية.
كيف يمكنك تحسين برنامج الدعم الاجتماعي الخاص بك؟
يمكنك تحسين برنامج الدعم الاجتماعي باستخدام بعض الخطط والأساليب، ومنها:
- ضع خطة لبرنامج الدعم الاجتماعي: اكتشف الدَعم الذي تحتاج إليه وكيف يمكنك العثور عليه.
- لا تخف من المجازفة الاجتماعية: احرص على أن تكون اجتماعيًا، وحاول أن تغير من أنشطتك المعتادة، فهذا سيساعدك على تكوين علاقات جديدة.
- اطلب الدعم من الأشخاص المقربين: من السهل أن نفترض أن الآخرين يعرفون ما تحتاج إليه، لكن هذا ليس صحيحًا، لذلك كن محددًا عندما تطلب الدعم من الآخرين.
- التحلي بالصبر: قد يتطلب تكوين صداقات جديدة وقتا طويلًا، وقد تحتاج إلى مقابلة عديد من الأشخاص الجدد، لتكوين صداقة جديدة تستطيع الاعتماد على دعمها.
- اهتم بعلاقاتك: كن أنت الشخص الذي تود أن تراه في الآخرين، كن صديقًا جيدًا للآخرين وقدم لهم الدعم وأخبرهم أنك تقدرهم وتقدر وجودهم في حياتك.
أهمية الدعم الاجتماعي
الإنسان اجتماعِي بطبعه، والعلاقات الاجتماعية تمده بمزيد من الطاقة، بالإضافة إلى الاتصال الوثيق بين الجوانب النفسية والاجتماعية، لذا تكمن أهمية الدعم الاجتماعي فيما يلي:
- تحسين القدرة على التكيف مع الضغط النفسي.
- تخفيف أعراض الاضطراب العاطفي.
- تقليل أعراض ما بعد الصدمة.
- تعزيز الصحة النفسية والعقلية الجيدة مدى الحياة.
- تعزيز الثقة بالنفس.
- تحسين سلوكيات نمط الحياة الصحية.
- تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب و الأوعية الدموية.
ختامًا، لا داعي لمواجهة صعوبات الحياة بمفردك، ما دمت محاطًا بشبكة من العلاقات الاجتماعية الآمنة التي توفر لك الدعم الاجتماعي.
فهذا يساعدك على العودة من جديد واستكمال المسير في رحلة الحياة التي لا تخلو من العقبات.