لقاح كورونا | حلم لاَمَسَ أرض الواقع
لم يعد الأمر يحتمل الانتظار، بات العالم كله في صراع مع الزمن محاولًا الكشف عن لقاح كورونا.
قلب الموازين ذلك الفيروس الصغير، ازداد الأمر سوءًا بعد أن تخطت الإصابات المائة مليون، وكسرت الوَفَيَات حاجز المليونيَّن.
زلزلت تلك الجائحة اقتصاد العالم، كانت البرازيل أولى الضحايا، بعد إعلان رئيسها إفلاس الدولة في مطلع عام 2021.
سنقدم لك في هذا المقال معلومات عن لقاح كورونا وأنواعه، ونُجيب عن عديد من الأسئلة المتعلقة بعملية التطعيم.
أنواع لقاحات كورونا
ظهرت عدة لقاحات، تختلف في طريقة التحضير والفعالية، وصرنا على بُعد خطوات منه، فقط اهتم بغذائك لتقوية مناعتك حتى تتلقى التطعيم.
يهدف اللِّقاح إلى تزويد الجسم بالمناعة المكتسبة من الكوفيد-19.
أتاح تطوير اللقاحات السابقة – قبل جائحة كوفيد-19 – ضد أمراض عائلة الكورونا (مثل السارس SARS ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS) وجود معرفة قوية بتركيب فيروسات الكورونا ووظائفها.
أسرعت تلك المعرفة القوية من تطوير عددٍ من اللقاحات بعام 2020، وترشح 66 لقاحًا بحلول فبراير 2021 للتجارب الإكلينيكية (البحث السريري).
دخل 17 لقاحًا تجارِب المرحلة الأولى، و23 لقاحًا في تجارِب المرحلتين الأولى والثانية، و 6 لقاحات في المرحلة الثانية.
نجح 20 لقاحًا في الوصول إلى المرحلة الثالثة، وأظهر عديد من اللقاحات فاعلية 95% في منع العدوى المصحوبة بأعراض كوفيد-19.
توقفت تجارِب الأبحاث على 4 لقاحات، ومنحت هيئة تنظيمية واحدة -على الأقل- تصريحًا لعشرة لقاحات للاستخدام بحلول فبراير 2021.
هذه اللقاحات هما لقاحا الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA vaccine)، والمعروفان باسميّ لقاح فايزر بيونتك ولقاح موديرنا، ولقاح بيبتيد واحد (اللقاح الروسي).
يتوفر أيضًا أربع لقاحات من النوع المعطل (المُحضر بالتقنية التقليدية للفيروس غير النشط)، ومنها لقاح سينوفارم ولقاح سينوفاك والمعروفان باسم اللقاحات الصينية.
يندرج لقاح نوفافاكس (أمريكي الصنع) تحت قائمة اللقاحات المحضرة بتقنية الفيروس المعطل، وتحديدًا بواسطة بروتين معدل من الفيروس.
يأتي ترتيبه في أمريكا الرابع من بين اللقاحات المستخدمة، كذلك أعطت بريطانيا الضوء الأخضر لاستخدامه وطلبت 60 مليون جرعة منه.
ظهرت أيضًا ثلاثة لقاحات مصنعة بتقنية الناقل الفيروسي مثل لقاح سبوتنيك الروسي، ولقاح اكسفورد المنتج بشركة استرازينيكا.
تؤخذ اللقاحات جميعها على جرعتين، يفصل بينهما من 3 – 4 أسابيع أو أكثر، ويتوفر بمصر اللقاح الصيني سينوفارم، ولقاح استرازينكا.
يُعطى اللقاح بالحقن العضلي أعلى الذراع.
مع ضرورة عدم الضغط بقوة على الجلد خلال الحقن لضمان وصول التطعيم لعضلة الذراع، وليس طبقة الدهون الموجودة تحت الجلد.
كيفية توزيع لقاح كورونا
أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية أن الأولوية في توزيع اللقاح للأطقم الطبية، وبدأت التطعيم بممثلي الرعاية الصحية بمستشفيات العزل.
فتحت الوزارة التسجيل على الإنترنت لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة لراغبي التطعيم، وبدأت بتوزيعهم على مراكز التطعيم طبقًا للتوزيع الجغرافي.
لم تكشف وزارة الصحة بعد عن الفئات المتوقع تطعيمها بعد الفئات المذكورة، وصرحت أن ذلك يعتمد على عدد اللقاحات التي سوف تحصل عليها الدولة.
لم يختلف الوضع كثيرًا في باقي دول العالم، إذ جاءت الأطقم الطبية والعاملون بالرعاية الصحية في مقدمة قائمة من يتلقى التطعيم أولًا.
جاء كبار السن في المرتبة الثانية بعد الأطقم الطبية، هذا بجانب العاملين بدور المسنين، طبقت هذه الخطة كثير من الدول مثل أمريكا وإنجلترا وأسبانيا وبلجيكا واليابان.
اختلفت وجهة نظر بعض الدول الأخرى،
على سبيل المثال يريد بعض المسئولين في الصين إعطاء الأولوية بالتطعيم لعمال الموانئ، لأهمية وظيفتهم وحيويتها، وتأثيرها في الاقتصاد.
وصرحت اندونيسيا أنها تفكر بالبدء في توزيع اللقاح على الشباب، لأنهم الأساس الاقتصادي للدولة، ويجب حمايتهم أولًا.
تتبادر إلى الأذهان عديد من الأسئلة بعد إعلان وزارة الصحة بَدْء التطعيم باللقاح الصيني سينوفارم،
إليك بعض تلك الأسئلة والإجابة عليها.
الأسئلة الشائعة عن لقاح كورونا
نستعرض معًا أهم الأسئلة التي تتعلق بعملية التطعيم، مثل:
هل يجب عليّ أخذ لقاح كوفيد 19 حتى لو أصبتُ به سابقًا؟
”نعم“، كانت تلك إجابة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكية والمعروفة باسم CDC
(Centers of disease control and prevention).
فسرت ذلك أن فيروس كورونا قد يصيب بعض الأشخاص أكثر من مرة، بالإضافة إلى المخاطر الصحية الشديدة للفيروس، لذلك بات التطعيم أمرًا ضروريًا حتى في حالة الإصابة السابقة بالفيروس.
انتظر 90 يومًا قبل أن تتوجه لأخذ لقاح الكورونا، إذا كنت أُصبت بالفيروس وكانت بلازما المتعافيين أو الأجسام المضادة ضمن بروتوكول علاجك.
هل هناك فئات معينة من الناس يجب ألا يحصلوا على لقاح كوفيد 19؟
أوصت مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) بمنع الأفراد الذين سبق تحسسهم بشدة في أثناء تجارب التطعيم السريرية بأخذ لقاح كورونا.
حثتهم على عدم التطعيم مرة أخرى، أو توخي الحذر الشديد حالة حصولهم عليه، وهم الفئة الوحيدة التي أُصدر توصية بشأنهم.
اُستثني من لقاح فايزر الأطفال تحت 16 عامًا، ومن لقاح موديرنا الأطفال تحت 18 عامًا، واستثنت التجارب السريرية فئة الأطفال والحوامل والمرضعات من تطعيم كلا اللقاحين لحين انتهاء تجارب باقي الفئات.
صرح الباحثون أن فئة الأطفال والحوامل من الفئات السكانية قليلة العدد، ويجب التأكد جيدًا من سلامة اللقاحين قبل اختبار فاعليتهما عليهم.
استبعد الباحثون مرضى نقص المناعة (HIV)، ومن يتناولون مثبطات المناعة من تجارب اللقاح، لكن هذا القلق بشأن كفاءة اللقاح، وليس لوجود خطورة عليهم منه.
تكمن المشكلة في تلك الفئة أنها ستعطي نتائج أقل من المتوقع بسبب نقص المناعة، ومع ذلك تضمنت الأبحاث مجموعات منهم.
أجرت شركة فايزر اختبارًا للقاح كورونا على 120 شخصًا بينما أجرت موديرنا على 176 شخصًا من المعرضين للخطر المناعي (مصابين بمرض نقص المناعة)، وللمزيد عن النتائج.
لم تسجل النتائج ردود فعل عكسية تتعلق بالسلامة، لذلك فالأمر متروك في النهاية للأشخاص أو أطبائهم إن أرادوا أخذ اللقاح.
يخطط الباحثون لحصول باقي الأشخاص على اللقاح، مع مراقبة فاعليته وتأثيره الإيجابي أو السلبي عليهم باختلاف العمر والجنس والسلالة والعِرق.
لقاح كورونا والأمراض المزمنة هل ينجح في إنقاذ ذويها؟
تزداد خطورة الإصابة بفيروس كورونا مع أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض القلب والكلى، والجهاز التنفسي والأورام والسمنة المفرطة.
يؤثر الفيروس تأثيرًا عنيفًا عليهم ويتسبب في تدهور حالتهم الصحية، مما يتطلب التدخل السريع ودخولهم المستشفيات، وغالبًا ما يحتاجون إلى أقسام الرعاية المركزة.
يتمثل نجاح التطعيم وفاعليته في تقليل تردد أصحاب الأمراض المزمنة على المستشفيات، وانخفاض نسبة الوفيات (إذ ترتفع نسبة الوفيات بهذه الفئة أكثر من غيرها).
أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) عن تطعيم الأشخاص ذوي الأمراض المزمنة بلقاح (mRNA COVID-19) ضمن التجارب السريرية.
اشترطت مراكز السيطرة على الأمراض لتطعيم هذه الفئة عدم وجود أي رد فعل تحسسي شديد أو فوري من مكونات اللقاح.
تهدف هذه التجارب إلى توفير معلومات كافية لأصحاب الأمراض المزمنة، لتتيح لديهم رؤية مستنيرة تساعدهم على اتخاذ قرار التطعيم.
ماذا عن الحمل والرضاعة ولقاح كورونا؟
لم تدخل فئة الحوامل والمرضعات ضمن التجارب السريرية للقاح كورونا، ولكن هذا لا يعني غيابهم غيابًا كاملًا عن تجارب التطعيم.
لا تختبر تجارب اللقاحات عادةً فئة الحوامل والمرضعات أو تستهدفهم عن عمد، إذ تتراكم المعلومات عنهم إما بتطعيمهم خطأً، أو كاختيارًا شخصيًا منهم للتطعيم.
أيدت الكلية الأمريكية للنساء والتوليد (ACOG) ترك الخيار للحوامل والمرضعات للحصول على اللقاح من عدمه، ذلك في حالة إتاحته لهم.
ما الآثار الجانبية للقاح كورونا؟
سجل الأطباء بعض الآثار الجانبية البسيطة إلى المتوسطة بعد الحقن بلقاح كورونا، واشتملت على التعب والصداع والحمى والرعشة بالجسم.
قد تشعر بألم الذراع وتورمها موضع الحقن، ولكنها كلها أعراض لا تدعو للقلق.
نبه كذلك الأطباء أن مصطلح تطعيم آمن لا يعني خلوه من الأعراض الجانبية، لكنه لا يتسبب في حدوث أضرار كبيرة.
تضمنت الأضرار الصحية الكبيرة مشكلات دائمة بالأعصاب أو تغير الخصوبة، أو تسبب التطعيم في حدوث عدوى جديدة.
هل يمكنني التوقف عن اتباع إجراءات السلامة بعد أخذ لقاح كوفيد 19؟
لا تتوقف عن اتباع إجراءات السلامة، من المؤكد أن التطعيم يحميك من الإصابة بالفيروس، لكن ذلك لا يمنع احتمالية حملك له ونقله للآخرين.
لن يتلقى المجتمع بِرُمَّته التطعيم في وقت واحد، يبدأ التطعيم كما ذكرنا بالفرق الطبية ومقدمي الرعاية الصحية، ثم المسنين والعاملين بدورهم.
لا يزال عديد من الأشخاص عرضةً للإصابة، لذلك يجب الحفاظ على إجراءات السلامة لحماية الأشخاص الأكثر ضعفًا، إلى أن نتمكن جميعًا من التطعيم.
احرص على ارتداء الكمامة، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وغسل اليدين كثيرًا بالماء والصابون، فلن يغير تلقي اللقاح من إجراءات السلامة.
وأخيرًا لقاح كورونا الحلم الذي بات ينتظره العالم وأصبح على تحققه، ويد العون التي قدمتها العلماء لإنقاذ حياة الملايين.
تذكر -عزيزي القارئ- حتى وإن كنت تلقيت التطعيم لن تعود الحياة إلى طبيعتها قبل الجائحة، ثمة أيام وربما سنوات لنعود إلى حياتنا السابقة، لكن يكفي أن يعيد لك اللقاح ولمن حولك الشعور بالأمان.