هل داء الفيل معدي؟ | مدى خطورته وكيفية علاجه
كثيرًا ما نسمع عن مصطلح داء الفيل، كلمة تتردد على آذاننا منذ كنا صغارًا، ويتداولها الأطفال في أحاديثهم على سبيل المزاح.
يُعرف مرض داء الفيل باسم الفيلاريات الليمفاوية، وينتقل إلى الإنسان من خلال لدغات البعوض. وسُمي بهذا الاسم، لأنه عند الإصابة به يصبح الجلد في العضو المصاب سميكًا ويابسًا كجلد الفيل.
كذلك تتورم الذراعان والرجلان أو إحداهما بدرجة كبيرة، وقد تتورم أعضاء أخرى مثل: الثديين والأعضاء التناسلية.
هل داء الفيل معدي؟
لا تنتقل العدوى مباشرةً من شخص مصاب بالمرض إلى آخر سليم.
تحدث العدوى بطريقة غير مباشرة، عندما تلدغ بعوضة شخص مصاب بالمرض أساسًا، فتحمل البعوضة اليرقات من دمه ثم تنقلها إلى شخص آخر سليم باللدغ أيضًا.
أعراض داء الفيل
يظل المريض دون أعراض حتى يبدأ العضو المصاب بالتورم حينها يشعر المريض بالألم، أما الجلد فيبدو:
- جاف.
- سميك.
- متقرِّح.
- لونه أغمق من باقي الجلد.
- منقَّر.
يعاني المريض الحمى والرعشة والضعف العام وصعوبة تحريك الجزء المصاب.
يصيب داء الفيل الجهاز المناعي؛ لذا من الوارد إصابة المريض بعدوى أخرى ثانوية نتيجة ضعف المناعة الناشئ عن المرض.
هل داء الفيل خطير؟
من أهم وأسوأ مضاعفات داء الفيل هي العجز عن الحركة، الناتج عن التورم الشديد في الأعضاء المصابة.
في بعض الحالات، قد يصل هذا العجز إلى عجز دائم.
يعد كذلك حدوث عدوى ثانوية في المنطقة المصابة أو في أي عضو آخر من الجسم، مشكلة تؤرق المريض؛ إذ إنها تحتاج إلى عناية إضافية.
في الحالات الشديدة؛ قد يلجأ الطبيب إلى الجراحة الترميمية في المنطقة المصابة وإزالة الأنسجة الليمفاوية التالفة فيها.
هل يمكن الشفاء من مرض الفيل؟
ربما يكون علاج داء الفيل أمرًا سهلًا في بدايته؛ إذ يمكن للدواء قتل اليرقات غير البالغة.
عادةً، يصف الطبيب دواء مضاد للطفيليات يُعرف بثنائي إيثيل كاربامازين (Diethylcarbamazine).
قد يصفه الطبيب مع أدوية أخرى مثل: الإفيرمكتين (Ivermectin)، ألبندازول (Albendazole).
يمكن لتلك الأدوية قتل اليرقات غير البالغة، لكن يصعب قتل الديدان البالغة. وتؤخذ منهما جرعة واحدة سنويًا.
يصف الطبيب -أيضًا- دواء يحتوي على المادة الفعالة دوكسيسايكلين (Doxycycline) مثل فيبراميسين وهو مضاد حيوي نجح في قتل الديدان البالغة في جسم المريض إذا استُخدِم مدة 8 أسابيع.
لكن لا يمكن إعطاء دواء دوكسيسايكلين للأطفال والحوامل لما له من أضرار جانبية عليهم.
يوصف للمريض الأدوية المضادة للهيستامين والمسكنات والمضادات الحيوية لتخفيف الألم والحمى والعدوى الثانوية إن وُجِدت.
قد تستدعي الحالة الخضوع لجراحة لتخفيف الضغط الناشئ في المنطقة المتورمة، خاصةً إذا حدث التورم في الأعضاء التناسلية.
ربما يحتاج المرضى علاج أو دعم نفسي؛ إذ يشعر بعضهم بالحرج والوصمة وعدم الرغبة في مواجهة الآخرين والاكتئاب.
هناك توصيات أخرى ينصح بها الطبيب للتعامل مع المنطقة المصابة، وهي:
- غسل المنطقة المصابة وتجفيفها يوميًا لمنع حدوث أي عدوى بكتيرية أو فطرية.
- استخدام مرطبات الجلد.
- تطهير التقرحات ومعالجتها -إن وُجِدت- باستخدام الدواء المناسب لها.
- محاولة المشي أو ممارسة التمارين الخفيفة كلما أمكن.
- الحرص على رفع الرجل أو الذراع المتورمة قدر الإمكان.
- ربط المنطقة المصابة للحد من تورمها.
كيفية تشخيص داء الفيل
يسأل الطبيب المريض عن تاريخه المرضي والأعراض، ويفحصه جسديًا لمعرفة مدى تطور الحالة، وسيسأل عن البلدان التي ربما يكون المريض قد توجه إليها حديثًا.
سيطلب الطبيب فحص الدم للكشف عن وجود الديدان المتطفلة المسببة للمرض.
يُفضل سحب عينة الدم في المساء؛ إذ يزداد نشاط الديدان ليلًا، فيسهل الكشف عنها تحت المجهر.
قد يتطلب الأمر خضوع المريض للفحص بالأشعة السينية أو فوق السمعية، لاستبعاد وجود مضاعفات أو أمراض أخرى تتسبب في ظهور نفس الأعراض السابقة.
يزداد انتشار داء الفيل في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية مثل: قارة إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية، إذ تعيش أنواع معينة من الديدان الحلقية المتطفلة.
منذ سنوات، جاءت إحصائيات منظمة الصحة العالمية بأرقامٍ فاجعةٍ؛ إذ قدَّرت وجود ما يقرب من 120 مليون إصابة بهذا المرض في العالم.
هل يوجد لقاح ضد مرض داء الفيل؟
لا يوجد لقاح، ويمكن تجنب الإصابة بهذا المرض باتباع الاحتياطات الآتية:
- يُوصى بتناول جرعة وقائية من دواء ثنائي إيثيل كاربامازين والإفيرمكتين قبل السفر إلى أي وجهة تزيد فيها احتمالية الإصابة بالمرض، وتُكرَّر سنويًا.
- استخدام صاعق البعوض.
- رش بخاخ طارد البعوض.
- استخدام شبكات الحماية من البعوض عند النوم.
- ارتداء ملابس ذات أكمام طويلة لحمايتك من اللدغات.
ما هي الدودة التي تسبب داء الفيل؟
يوجد ثلاثة أنواع من الديدان الطفيلية، هي المسبب الأساسي لهذا المرض، وتعد يرقاتها هي الطور المعدي الذي تبدأ به الإصابة في جسم الإنسان.
تستطيع أن تعيش هذه اليرقات داخل أنواع متعددة من البعوض، الذي يعد الناقل الأساسي لتلك اليرقات إلى الإنسان.
أنواع الديدان الطفيلية
1- الفُخَريَّة البنكروفتية، والمسؤولة عن 90 % من الحالات.
2- البروجيَّة الملاوية.
3- البروجية التيمورية.
تصيب الديدان الجهاز الليمفاوي -المسؤول عن إزالة الفضلات والسموم من الدم- وتتكاثر فيه مما يؤدي إلى انسداده؛ فتتراكم السوائل والفضلات في العضو المصاب مُحدِثةً تورُّمه.
كيف تحدث الإصابة؟
لا تعد الإصابة بداء الفيل سهلة كما يظن البعض، لكن يتطلب الأمر لدغات عدّة على مدار سنوات طويلة لتحدث الإصابة.
حينما تلدغ الإنسان بعوضة حاملة ليرقات غير بالغة من الديدان الحلقية؛ تسري اليرقات إلى مجرى الدم حتى تستقر في الأوعية الليمفاوية حيث يكتمل نموها.
يرجح العلماء أن العدوى تحدث منذ الطفولة، وتستطيع الديدان البالغة أن تعيش في جسم الإنسان من 4 إلى 6 سنوات.
تنتج الديدان البالغة في مدة حياتها مئات اليرقات التي تعيش في الأوعية الليمفاوية.
قد تعيش الدودة البالغة سنوات عدة كامنة مسببةً تلفًا في الجهاز الليمفاوي قبل أن يحدث تورمًا في العضو المصاب فيما بعد.
إذا كنت ممن يسافرون إلى تلك البلاد المتوطن بها هذا المرض؛ فيكفيك أن تتناول جرعتك الوقائية قبل السفر.
الآثار السلبية لمرض داء الفيل في الدول الفقيرة
إن لذلك المرض تبعات اجتماعية واقتصادية. إذ لا يتمكن المصابون به من مواصلة حياتهم الطبيعية أو أداء أعمالهم الوظيفية كما كانوا قبل الإصابة، لأسباب العجز الجسدي أو لأسباب نفسية.
أدى انتشار هذا المرض في بعض البلدان إلى زيادة الفقر والبطالة وسوء المستوى الاجتماعي.
بناءً عليه؛ سعت منظمة الصحة العالمية إلى إعطاء الجرعة الوقائية من الإفيرمكتين لجميع الأفراد في البلاد المتضررة من المرض.
كان الهدف من ذلك، قتل اليرقات في جسم المصابين وكذلك القضاء على احتمالية انتقال اليرقات إلى البعوض ومنها إلى الإنسان مرة أخرى.
أخيرًا، إن الجرعة الوقائية ضد داء الفيل قبل السفر هي أسهل الطرق لتجنب عواقب لا تضر الفرد فقط، وإنما قد تضر أسرته ومجتمعه كذلك.